تعريف الطاغوت
كلمة الطاغوت تشتق من الجذر اللغوي “طغى”، ويشير المعنى إلى كل ما يتجاوز الحد المقرر. فعلى سبيل المثال، عندما يتجاوز الماء حدّه، يُعتبر قد طغى، وهذا يتجلى في قصة نوح -عليه السلام- عندما قال الله -تعالى-: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ﴾.
في اللغة، تم تفسير الطاغوت بطرق مختلفة، حيث يُشار به إلى الشيطان، والكاهن، والشاعر، والأصنام، وكل من تمرد على الحق. من بين الأسماء التي ذُكرت، حُيي بن أخطب وكعب بن الأشرف من اليهود، بالإضافة إلى الأصنام مثل اللات والعزّى، وكل من يبعد الناس عن الحقيقة، ويُعتبر السحر من هذه التعريفات أيضاً.
أما في الاصطلاح، فإن الطاغوت يُستخدم للدلالة على كل ما يتجاوز به الإنسان حدّ الطاعة أو العبادة وفقاً لما شرعه الله -تعالى-. إذ إن من خصائص الإله هو أن يُعبَد ويُطيع بمقتضى ما أمر به، ومن يتجاوز حدود البشر إلى مرتبة الألوهية يُعتبر طاغياً.
أنواع الطاغوت
استناداً إلى التعريفين اللغوي والاصطلاحي، يمكن تقسيم الطاغوت إلى عدة أصناف، تتشارك جميعها في سعي صاحبها لصرف الناس عن الحق، وهذه الأنواع تشمل:
- الشيطان.
- أولئك الذين بدلوا أحكام الله -تعالى- وادّعوا أن تعديلاتهم أفضل مما شرع الله.
- من يدعو الناس لعبادته ورضى بممارستهم لهذه العبادة دون إنكار.
- من يطلب طاعة الناس حتى في ما حرمه الله -تعالى-، أو يطلب منهم اتباعه في كل شيء حتى لو كان مخالفاً لما أمر به الله.
- الساحر الذي يدعي الألوهية من خلال انتحاله علم الغيب وقدرته على التأثير بالمخلوقات.
ما هو الطاغوت الذي نهانا الله عن عبادته؟
يقول الله -تعالى-: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾. وقد بشر الله -تعالى- عباده الذين يجتنبون الطاغوت، حيث وصفهم بأنهم يتبعون أحسن القول، ليشيروا إلى أن لا أفضل من اجتناب الطاغوت، وهم بالفعل أصحاب عقول ناضجة.
والمقصود بالطاغوت في هذا السياق هو الشيطان، الذي يعد رأس كل الشرور، ومن يضل الآخرين عن طريق التوحيد. يقول الله -تعالى-: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾. كما يشمل أيضاً كل من يعتبر رمزاً للشر وقدوة في محاولة إضلال الخلق.
من خلال قوله -تعالى- “اجتنبوا”، نستوعب أنه يجب علينا الانفصال عن الطاغوت، بمعنى أن نتواجد في جانب مختلف تماماً عنه. فالاجتناب هو استراتيجية للحماية من تأثيرات الطواغيت، التي تشكل خطراً على عقيدة المسلم بالدنيا والآخرة. فكل من يعبد طاغوتاً في حياته الدنيا سيتبعه يوم القيامة.