مفهوم المعرفة الحسية وأنواعها

تعريف المعرفة الحسية

المعرفة الحسية تعد نوعًا أساسيًا من أنواع المعرفة، مستمدة من التجارب التي نكتسبها عبر حواسنا. تنطلق هذه المعرفة من الملاحظة الأولية، يليها تفسير مباشر يقوم به الفرد. على سبيل المثال، يتمكن الإنسان من التعرف على البرتقالة بفضل رؤيتها بلونها الأصفر الزاهي، وتذوق طعمها، واستنشاق رائحتها، ولمس قشرتها، مما يؤدي إلى تكوين معرفته عن هذه الثمرة من خلال هذه المدخلات الحسية المتعددة.

تحليل نظرية المعرفة الحسية

تؤكد نظرية المعرفة الحسية أن العقل الإنساني يكون في البداية خاليًا من المعرفة، ثم تبدأ الصورة الحسية للأشياء بالتسجيل في الذهن من خلال الحواس. بعد ذلك، يتولى العقل عملية التحليل والتفكير، حيث تعد المعرفة الحسية هي حجر الزاوية للمعارف الإنسانية. يُختصر دور الذهن والعقل في التجزئة والتركيب، إلى جانب التجريد والتعميم، ويظهر دور العقل في هذه الجوانب كالآتي:

  • التركيب والتجزئة

على سبيل المثال، عندما يرى العقل حيوانًا وشجرة، يقوم بتركيب هذين العنصرين معًا لتصور الغابة، بينما يجزئهما أيضًا إلى عناصر أصغر.

  • التجريد والتعميم

تظهر هنا وظيفة الذهن في فرز الصفات الأساسية للصورة وإزالة الخصائص المميزة، مع الاحتفاظ بالمفاهيم العامة. فإذا نظر إلى ثلاثة أشخاص، يتجرد الذهن من الصفات المحيطة بهم، ليأخذ فقط القاسمالمشترك وهو الإنسانية.

الفلاسفة البارزين في المعرفة الحسية

تناول العديد من الفلاسفة مفهوم المعرفة الحسية في أفكارهم، ومن بين هؤلاء الفلاسفة الهامين:

الأبيقوريون

يرى الأبيقوريون أن الإحساس هو أساس المعرفة. وفقاً للفلسفة الأبيقورية، فإن الإحساسات تعكس الواقع بدقة، والخطأ لا يكمن في الإدراك وإنما في الحكم الذي يضيفه العقل على هذا الإدراك. بالنسبة للأبيقوريين، الحواس هي الوسيلة الوحيدة للمعرفة، والعقل يُعتبر مجرد حاسة إضافية لا تتجاوز ما تقدمه له الحواس الخارجية، وتقتصر وظيفته على التجريد والإضافة والتركيب والنقل.

جون لوك

يعتقد جون لوك أن جميع الأفكار والصور التي يحملها الإنسان هي نتاج لتجاربه المتنوعة. يبدأ الوعي كصفحة فارغة يتبصر بها العالم بفضل الحواس الخمس، وخصوصًا في مرحلة الطفولة. يتشكل ما يُسميه لوك بالأفكار الحسية البسيطة، وبعد تكون هذه الأفكار، يقوم الوعي بمواجهتها وتحليلها، مما ينتج عنه ما يُعرف بالأفكار المنعكسة.

جورج بيركلي

يعتقد جورج بيركلي أن الشيء الوحيد الموجود هو ما يمكن إدراكه، فهو يرى أننا لا نستوعب المادة أو الجوهر بكامله. على سبيل المثال، يُدرك الإنسان شيئًا صلبًا، لكنه لا يشعر بمادة الطاولة ذاتها. يمكن للإنسان أن يحلم بأنه اصطدم بشيء صلب رغم عدم وجوده في الحلم. يفسر بيركلي أن ما يدفع الإنسان إلى الإحساس بالصلابة هو الروح أو الإرادة.

من هنا، يُشبّه بيركلي أفكاره بأنها تعود إلى سبب خارجي بعيد عن وعي الإنسان، هذا السبب له طبيعة روحية وليس مادية، حيث تكون الروح المصدر الأساسي للتصورات، كما هو الحال مع الأحلام. أما عن العالم المادي، فإن تفسيره يعتمد على روح أخرى تفيض منها، وهي قادرة على الأداء وتشمل جميع الكائنات، ولا شيء آخر سوى الله تعالى.

Scroll to Top