الكذب
يعد الكذب من أفظع السلوكيات التي يمكن أن يتحلى بها الإنسان، حيث يؤدي إلى تأثيرات سلبية واسعة على العلاقات الإنسانية. ويُعتبر الكذب محرمًا في مختلف الديانات، إذ أنه يُصنّف كصفة مذمومة. يمكن أن يعتاد الأفراد على الكذب، مما يجعل هذه الصفة ملازمة لهم بشكل مستمر. كما ورد في الحديث النبوي الشريف: (…وإن الرجل ليكذب حتى يُكتب عند الله كذابًا).
يسبب الكاذب مشكلات عديدة لنفسه وللآخرين، إذ يمكن أن تُهدَر حقوق الأبرياء نتيجة لذلك. ينتج عن استغلال البعض للكذب بشكل محترف فقدان الثقة في عدالة القضاء، حيث يتأثر الحكم القضائي باختلاف الشهادات وكذبها. هذه المعطيات هي ما دفعت إلى تطوير جهاز كشف الكذب.
جهاز كشف الكذب
يُعرف أيضًا بجهاز “البوليغراف”، وهو جهاز تم اختراعه على يد جون أ. لارسون عام 1921 وجرى تطويره في عام 1924. يعتمد هذا الجهاز على رصد الظواهر الفسيولوجية غير الإرادية التي تظهر على الشخص عند كذبه، مثل معدل ضربات القلب، كمية تعرق الجسم، سرعة وعمق التنفس، وضغط الدم. يتم تتبع هذه المؤشرات الأربعة لمراقبة أي تغييرات تحدث بها.
رغم استخدام جهاز كشف الكذب في العديد من الدول خلال التحقيقات الشرطية، فإنه لا يزال غير معترف به من قبل العديد من الجهات العلمية الموثوقة. وقد أفادت الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2003 بعدم اختمار الثقة الكافية به. على الرغم من استخدامه من قبل الشرطة والقضاة، إلا أن نتائج هذا الجهاز تبقى موضع جدل ونقاش من قبل الكثيرين.
آلية عمل جهاز كشف الكذب
يعتمد جهاز كشف الكذب على التغيرات الفسيولوجية للجسم عند القيام بالكذب. تعتبر عملية الكذب بالنسبة للجسم مرهقة، مما يؤدي إلى اضطراب في الوظائف الحيوية. يدرك الدماغ الحقيقة المتعلقة بالاستجواب بينما ينكر الشخص ذلك، مما يسبب تضاربًا في المشاعر ونشاطًا قويًا غير اعتيادي في القشرة الدماغية. هذا النشاط غير المألوف يتسبب في تسارع النبض وزيادة حرارة الجسم نتيجة زيادة تدفق الدم، مما يؤدي بدوره إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة التعرق، خاصة في باطن اليدين. وتستدعي هذه التغيرات الجسم للحصول على مزيدٍ من الأكسجين، ما يؤدي لزيادة سرعة التنفس وتقطعه.
بالإضافة إلى ذلك، يسبب الكذب زيادة تدفق الدم إلى الأنف بشكل خاص، مما يؤدي إلى ارتفاع طفيف في درجة حرارته وتورمه، وقد يدفع الكاذب إلى حك أنفه، إلى جانب سلوكيات أخرى ناتجة عن توتره.
طرق خداع جهاز كشف الكذب
لا يقتصر المجرمون على ارتكاب الجرائم والكذب بشأنها، بل إن بعضهم يتدرب على كيفية خداع جهاز كشف الكذب من خلال تطبيق خطوات بسيطة تحتاج إلى تدريب مسبق قبل جلسة الاستجواب. تتضمن هذه الخطوات التحكم في ضغط الدم عن طريق إبطاء عملية التنفس وتنظيمه، بالإضافة إلى عض اللسان لإحداث ألم خفيف. كما يستخدم بعض الجرائم مضادات التعرق على أيديهم، مع استخدام وسائل متعددة للتملص من نتائج اختبار الجهاز.