مقدمة حول سورة القمر
تُعد سورة القمر من السور المكية وفقًا لرأي الغالبية، باستثناء بعض الآيات التي يُنفرد بها مقاتل، حيث اعتبرها مدنية، وهي الآيات التي تتضمن: (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ* سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ* بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ). وقد استند على ذلك بالقول إن النبي -صلى الله عليه وسلم- تلّاها يوم غزوة بدر.
يتكون عدد آياتها من خمس وخمسين آية نزلت بعد سورة الطارق وقبل سورة ص. كما تُعرف أيضًا بسورة “اقتربت الساعة” وفقًا لما ورد في حديث أبي واقد الليثي: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بقاف واقتربت الساعة في صلاة الفطر والأضحى). وتُدعى أيضًا بسورة “اقتربت”، نسبةً إلى الكلمة الأولى فيها.
أسباب نزول السورة
توجد عدة روايات توضح أسباب نزول سورة القمر، منها ما جاء عن أنس بن مالك، حيث قال: “سأل أهل مكة النبي -صلى الله عليه وسلم- عن آية، فانشق القمر بمكة مرتين، فنزلت اقتربت الساعة وانشق القمر إلى قوله سحر مستمر”. كما أورد ابن جرير عن ابن عباس أنه قال: “قالوا يوم بدر: نحن جميع منتصر، فنزلت سيهزم الجمع ويولون الدبر”.
وأوضح مجاهد أنه وقع انشقاق القمر في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى شطرين، فقال النبي: “اشهد يا أبا بكر”، فزعم المشركون أن ما حدث كان سحرًا.
وقد نزلت السورة في السنة الخامسة قبل الهجرة، كما يروي عنها عائشة -رضي الله عنها- أنه انزلت على محمد بمكة وقد كنت جارية ألعب، حيث ذكرت: (بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر). ووفقًا لحديث صحيح عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: “انشق القمر ونحن مع النبي -صلى الله عليه وسلم- بمنى، فانشق فرقتين، قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اشهدوا اشهدوا”.
مواضيع السورة
تناولت سورة القمر مجموعة من الموضوعات التي يمكن تلخيصها كما يلي:
- تناولت السورة إعراض المشركين عن آيات الله وتكذيبهم للنبي -عليه الصلاة والسلام- واتهامهم له بالسحر، رغم عظمة الآيات، حيث قال الله تعالى: (وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ* وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ).
- استعرضت السورة موضوع البعث وأهوال يوم القيامة وكيف يكون حال الكافرين يومها، كما ورد في قوله تعالى: (خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ* مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَـذَا يَوْمٌ عَسِرٌ).
- أخبرت السورة بما تعرضت له الأمم السابقة من عذاب، مثل قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وفرعون، وما واجهوه من تكذيب للرسل.
- وجهت إنذارًا للمشركين بالهزيمة في المعارك، كما جاء في قوله: (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ* سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ* بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ).
- ذكرت إحاطة الله بكل أفعالهم وأن جزاءهم في النهاية هو جهنم، في حين أن جزاء المؤمنين هو الجنة، حيث يقول الله تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ* فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ).
- أشارت السورة إلى نعمة القرآن وأوضحت سهولة تلاوته للمؤمنين.