تعدد الزوجات في الإسلام
تعد مسألة تعدد الزوجات من القضايا التي كانت موجودة قبل بعثة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، ومع مجيء الإسلام أقر التعدد مع وضع أسس وضوابط تحكمه، مما يساعد في تقليل أضراره ومساوئه. وبذلك فإن الإسلام قد عمل على تجنب الظلم الذي كان شائعًا في المجتمعات التي تعهدت بالتعدد قبل ظهور الدين الإسلامي.
كما أن الإسلام لم يعتبر تعدد الزوجات ضرورة ملزمة للرجل المسلم، ولم يجبر المرأة المسلمة على قبول هذه الفكرة. بل منح كلًا من الرجل والمرأة حرية اختيار التعدد من عدمه، وفقًا لما يرونه مناسبًا لمصالحهما ضمن إطار الزواج.
مشروعية تعدد الزوجات في الإسلام
تستند مشروعية تعدد الزوجات إلى ما جاء في القرآن الكريم، حيث يقول الله -عز وجل-: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ).
وقد أكد العلماء أن التعدد مُباح، حيث أباح الإسلام للرجل أن يتزوج بأكثر من امرأة، بشرط ألا يتجاوز عدد زوجاته أربع نساء، وأن يكون قادرًا على تحقيق العدل بينهن. كما يتعين عليه الحفاظ على نفقتهن كافة دون تقصير.
شروط تعدد الزوجات في الإسلام
وضع الإسلام شروطًا ينبغي الالتزام بها ليكون تعدد الزوجات مشروعًا، ونستعرض هذه الشروط فيما يلي:
- تحديد العدد
تعدد الزوجات كان معروفًا قبل ظهور الإسلام عند العرب وغيرهم، لكن دون تحديد عدد معين من الزوجات. فقد حدد الإسلام العدد بأربع زوجات كحد أقصى، وبالتالي لا يجوز للرجل أن يتزوج أكثر من ذلك. فمع الأسئلة التي طرحت من قبل بعض الصحابة بشأن احتفاظهم بأكثر من أربعة نساء، جاء الأمر النبوي بضرورة الاكتفاء بأربع نساء والتخلي عن الباقي.
- القدرة على النفقة
تشمل النفقة في الإسلام جميع احتياجات الزوجات من طعام وشراب وكسوة، فضلاً عن المسكن وتجهيزاته. لذا، يُشترط على الرجل الراغب في التعدد أن يكون لديه القدرة المالية لتلبية تلك الاحتياجات دون أي نقص، ومن لا يمتلك هذه القدرة المالية لا يحق له التعدد شرعًا.
- العدل بين الزوجات
يعد العدل بين الزوجات شرطًا ضروريًا لتيسير التعدد، ويستوجب ذلك تقديم الدعم المالي والرعاية لكل زوجة بالتساوي. ومع ذلك، العدل فيما لا يستطيع الرجل التحكم به، مثل المشاعر القلبية، لا يُعتبر من متطلبات العقيدة؛ شريطة أن لا يؤدي ذلك إلى ظلماً لإحدى الزوجات.
الحكمة من تعدد الزوجات في الإسلام
بينما يتفرد الإسلام كمنظومة تعكس الفطرة البشرية، فإنه يراعي أيضًا متطلبات الحياة. وقد وضع الله -تعالى- أسسًا متينة لبناء الأسرة المسلمة، حيث أن تقنين التعدد لم يكن يهدف لتحقيق الرغبات الجنسية فحسب، بل جاء استجابة لحكم متعددة، منها:
- تشير الإحصائيات إلى أن عدد النساء يفوق عدد الرجال، مما يسبب نقص عدد الأزواج للعديد من النساء، وهو ما يتعارض مع الفطرة الإنسانية.
- تتوقف قدرة المرأة على الإنجاب عند بلوغ سن اليأس، في حين يمكن للرجل الزواج والإنجاب لوقت أطول.
- تمر المرأة بفترات حيض وحمل تضعها في وضع من الانقطاع عن العلاقة الزوجية، مما يؤدي إلى عدم تحقيق أهداف الزواج في تحصين النفس والعناية بالنسب.
- يمتلك بعض الرجال طاقة جنسية مرتفعة، فتحت مظلة التعدد لا يضطرون للجوء إلى مسالك غير مشروعة مثل الزنا.