تفسير الآية التي تحظر الاقتراب من الفواحش، سواء ما كان منها ظاهرًا أو باطنًا

تفسير آية (وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)

تتعدد تفسيرات العلماء لهذه الآية، وهناك عدة آراء يمكن ذكرها كما يلي:

  • أفاد ابن عباس -رضي الله عنه- والحسن والسديّ بأن الفواحش تشير إلى الزنا، حيث يُقصد بـ”ما ظهر منها” الأفعال الواضحة، بينما “ما بطن” يشير إلى الأفعال الخفية.
  • يرى سعيد بن جُبير ومُجاهد أن “ما ظهر” يشمل الخمر ونكاح المحرمات، في حين أن “ما بطن” يشير إلى الزنا.
  • ذكر الضحاك أن “ما ظهر” يعني الخمر و”ما بطن” يتعلق بالزنا.
  • أفاد قتادة أن الآية تعني جميع أنواع الفواحش، حيث “ما ظهر” يُعبر عن الأفعال العامة، و”ما بطن” عن الأفعال السرية.
  • أوضح الماوردي أن “ما ظهر” يشمل أفعال الجوارح، بينما “ما بطن” يتعلق بأعمال القلب والمعتقدات.
  • ورد في تفسير الماتريدي مسائل حول معنى الفواحش وأبعادها.

يمكن أن يُفهم من هذه الآية أن عدم الاقتراب من الفواحش يعني الامتناع عن ارتكابها، وهذا يشير أيضاً إلى ضرورة الحفاظ على مسافة بين الإنسان والفواحش والحرام، بحيث يضع حجاباً من الحلال. أما الفواحش فهي تشمل الزنا، و”ما ظهر” يشمل المخالطة بالكلام والمجالسة، بينما “ما بطن” يتعلق بالفعل نفسه. كانت الناس يجالسون النساء لكن دون جماع في العلن، وعندما يختلون بهن يمارسون الزنا.

وقيل أيضاً إن الناس كانوا يرتكبون الزنا مع الحرائر في السر ومع الإماء في العلن، لذلك حرَّم الله -تعالى- عليهم ذلك كما حرم الزنا عموماً. كما قيل أن “ما ظهر” يشمل الزواج بالأمهات، بينما “ما بطن” يشير إلى الزنا، أو أنه يُعبر عن جميع الفواحش بوجه عام، حيث “ما ظهر” يتعلق بالعلاقة بين العبد وبين الخلائق، و”ما بطن” يعني العلاقة بين العبد وخالقه -تعالى-.

كما يُمكن أن يُفهم أن “ما ظهر” يتصل بالأفعال العلنية، بينما “ما بطن” يتعلق بما يحمله القلب من أفكار ورغبات، مثل النظر إلى الحرام، فهذا لا يعلمه إلا من اختبره.

سبب نزول آية (وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)

وفقاً للضحاك، فإن سبب نزول هذه الآية يعود إلى أن أهل الجاهلية كانوا يستترون عند ارتكابهم للزنا، معتقدين أنه يكون حلالاً طالما أنهم في الخفاء. لذا حرَّم الله -تعالى- الزنا في السر والعلن. وتشير أقوال ابن عباس -رضي الله عنه- إلى أن الجاهلية كانت لا تعتبر الزنا في الخفاء عيباً، بينما كانت تستقبحه في العلن، فحرَّم الله -تعالى- عليهم ذلك في السرا والعلانية.

آثار الفواحش على المجتمع

تظهر آثار فاحشة على الفرد والمجتمع، ومن هذه الآثار السلبية ما يلي:

  • تؤدي الفواحش إلى خلق مشاعر الحقد والكراهية والمنازعات بين أفراد المجتمع، خاصة بين الزوجين.
  • تسبب الفواحش في انتشار الأمراض المستعصية وتفشي الرذيلة، مما يؤثر سلباً على العفة والمروءة.
  • تسهم الفواحش في تدمير الأسر وقطع الروابط الزوجية، مما يؤدي إلى ضياع الأنساب.
Scroll to Top