تعريف التحقيق: خصائص ومراحل عملية التحقيق

ما هو التحقيق الأولي؟

التّحقيق الأوّلي هو مرحلة قضائيّة تهدف إلى اكتشاف الحقيقة في الدّعاوى الجزائيّة، والبحث عن جميع الأدلة الضروريّة اللازمة لتقييم إمكانية إحالة القضية إلى القضاء. وله مفهومين؛ الأول لغوي والثاني اصطلاحي.

في اللغة، يُقال “حق الخبر”: بمعنى وقوفه على حقيقته، و”تحقق القول أو الظن”: أي تصديقه، و”تحقق الرجل الأمر”: بمعنى تيقنه. “الحقة” تعني حقيقة الأمر، و”حقق” تعني التأكيد. أما “أحق الأمر” فإنها تشير إلى الإيجاب وتحويل الأمر إلى حق لا مجال للشك فيه. وبالتالي، فإن التحقيق بالمعنى اللغوي يعني إثبات الأمر بحق المشتبه به.

تعددت التعريفات حول التحقيق الأولي، حيث يُعرَف بكونه مجموعة الإجراءات القضائية التي يتخذها المحقق الجنائي عند وقوع جريمة أو حادث من أجل الوصول إلى الحقيقة. ويُعرَّف كذلك بأنه “المعرفة التي توضح للمحقق معالم الطرق وتوجهه في كيفية البحث وجمع الأدلة وإجراء التحقيقات، ابتداءً من أول إجراء يتخذه”. كما يُعتبر “مجموعة من الإجراءات المشروعة التي يلجأ إليها المحقق لكشف غموض الجريمة، من حيث معرفة مرتكبها، وأسباب ارتكابها، وطريقة وقوعها، ومكان وزمان وقوعها، سواء قام المحقق بها بنفسه أو استعين بغيره”. في رأينا، التحقيق الأولي هو مجموعة الإجراءات التي تقوم بها السلطة القضائية وفقًا للقانون، بعد وقوع الجريمة، بغرض الكشف عن الأدلة وتمحيصها للوصول إلى الحقيقة ونسبتها إلى الجاني قبل مرحلة المحاكمة.

خصائص التحقيق الأولي

يتسم التحقيق الأولي بخصائص تميزه عن الإجراءات القضائية الأخرى في مختلف مراحلها، وأهم تلك الخصائص هي:

السرية: تُعنى سرية التحقيق بعدم السماح للجمهور بحضور الإجراءات، وتنفيذ التحقيق في بيئة من الكتمان والخصوصية، بحيث لا تُعرض محاضر التحقيق ليتسنى للجمهور الاطلاع عليها. بينما يُسمح للخصوم في القضية بحضور التحقيق ليضمن ذلك ثقتهم واطمئنانهم بمعرفة سير التحقيق، مع إمكانية إبداء أي اعتراض على أي انحراف أو خطأ قد يحدث أثناء التحقيق. لذا، يمكن القول إن التحقيق الأولي سري بالنسبة للعموم، وعلني بالنسبة للخصوم ووكلائهم. تهدف السرية إلى تجنب محاولات المتهم أو المعاونين معه لإفساد الأدلة، كما أنها تحمي الإجراءات اللاحقة التي ستقوم بها سلطات التحقيق، مما يجعل السرية ضرورية في بعض الحالات للوصول إلى الحقيقة وضمان حيادية المحقق.

يجب أن تكون جميع إجراءات التحقيق موثقة كتابياً للرجوع إليها فيما بعد. وينص القانون على وجوب توثيق كافة الإجراءات التي يقوم بها المحقق مثل سماع الشهادات واستجواب المتهمين والتفتيش وضبط الأشياء، حيث تُعد عملية تدوين جميع الإجراءات ضرورية لإثبات صحتها واتباع الأصول المحددة في النصوص القانونية. ولتكون لهذه الوثائق قيمة قانونية، يجب أن تتم كتابتها بواسطة كاتب يتواجد مع المدعي العام خلال جميع الإجراءات، لضمان أن تكون لها حجية وتصلح كأساس للنتائج المتوقعة. من المهم ملاحظة أنه يجب أن يكون المحضر خالياً من الحك أو الشطب، وفي حال حدوث ذلك، يجب تأكيده بالتوقيع.\

السرعة في التحقيق الأولي: تشكل السرعة ضرورة تستند إلى سببين:
1. الكشف السريع عن حقيقة الاتهام، مما يضمن عدم بقاء البريء في موضع اتهام لفترة طويلة، ويؤمن حرية الأفراد وكرامة الشخص.
2. ضرورة التعامل مع الأدلة قبل فقدانها أو طمسها. ومع ذلك، رغم وجود هذه الضوابط، إلا أن بعض القضايا قد تستغرق سنوات لوجود أسباب عدة، منها الإهمال أو التحجيم في الإجراءات الشكلية التي تعيق سرعة التحقيق. ومع ذلك، يجب ألا تطغى السرعة على حقوق المشتبه بهم في الدفاع عن أنفسهم.

خلاصة: يُعتبر التحقيق عملية يتم فيها توجيه الأسئلة لشخص ما بهدف توضيح مسألة معينة وبيان أسبابها وصحتها. يستخدم التحقيق عادةَ في السياق العسكري أو القضائي، حيث يتم توظيف قسم خاص للتحقيق من قبل مديرية الشرطة، والتي تتولى مهمة التحقيق والاستجواب للأفراد الذين قد يكونون قد ارتكبوا جرائم أو أخطاء، مثل القتل أو السرقة أو الاحتيال. كما قد يكون الشخص في وضعية اشتباه، أو شاهداً، ويعمل قسم التحقيق على التأكد من الشبهات الجنائية والكشف عن الحقائق والبراهين قبل إحالة المتهم إلى المحكمة ليتم تقديمه للقضاء وفرض العقوبة المناسبة.

Scroll to Top