مفهوم التسوية من الناحية اللغوية والاصطلاحية
يستدعي فهم مفهوم “التسوية” الرجوع إلى معانيها اللغوية والاصطلاحية من خلال استعراض المعاجم. سيتم توضيح معنى كلمة التسوية كالتالي:
التسوية في اللغة
تعتبر كلمة التسوية مصدراً، ويقال سويت هذا الشيء بمعنى استوى، وعبارة لا يتساوى هذا مع هذا تشير إلى عدم تساوي شيئين، بينما تشير المواساة والاستواء إلى المعنى ذاته، ويقال فلان ساوت بفلان أي أني قمت برفع قدره ليصل إلى منزلته.
في مقاييس اللغة، يُفهم التسوية على أنها تحقيق العدل بين شيئين والامتثال في الحكم عليهما. أما في “لسان العرب”، فنجد أن العبارة تساوت الأمور واستوت تعني أن إنساناً ساوى بينهما، مما يشير إلى عدم وجود فرق بينهما.
التسوية في الاصطلاح
تتعدد تعريفات التسوية في الاصطلاح بين علماء اللغة، حيث لم يتم الاتفاق على تعريف موحد. فقد ذكر الراغب الأصفهاني أن التسوية تتعلق بالمساواة، التي تعني التوازن بين شيئين في الوزن والذراع. ويقال إن هذا الثوب يُعادل ذلك الثوب. بينما أشار الفيروزأبادي إلى أن التسوية تعادل المساواة، التي تعني العدالة، ويقال تساوى الرجلان أو ساوى فلان بين أمرين مما يدل على عدالتهم.
في معجم المعاني، يُشير مفهوم التسوية إلى الاتفاق الوسط الذي يرضي طرفين مختلفين. فمثلاً، نقول نسعى إلى تسوية بين فلان وآخر لتحقيق حل وسط ينهي النزاع. كما أن لفظة التسوية تحمل معانٍ متعددة تعتمد على السياق، مثل تسوية السوق التي تختلف عن تسوية المعاملات.
الآيات القرآنية التي ذكرت فيها التسوية أو المساواة
تكررت الإشارة إلى كلمة “التسوية” في عدة مواضع في القرآن الكريم. فيما يلي بعض الآيات القرآنية التي تم ذكر فيها هذه الكلمة وتفسير معانيها:
- قال تعالى في سورة النساء: {لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۚ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَ}.
يوضح الطبري في تفسيره أن معنى التسوية في هذه الآية يشير إلى عدم التعادل، حيث لا يُمكن مقارنتُهما بين من ينفق روحه وماله في الجهاد في سبيل الله وبين من يجلس في البيت دون عذر.
- قال تعالى في سورة الحجر: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ}.
تفيد التفاسير الشرعية أن هذه الآية تشير إلى أمر من الله تعالى للملائكة بأن يسجدوا للبشر بعد أن يقوم بتصويره وتعديله ليصبح إنسانًا وتندب فيه الحياة، وقد ذكر الطوسي أن التسوية هنا تعني أن الله قد سوا صورته الإنسانية.
- قال تعالى في سورة الكهف: {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا}.
تعني “ساوى بين الصدفين” المعنى التالي: تماثل رؤوسهما. وذكر الطباطبائي أن “ساوى” هنا تعني “سوى”، والمقصود من الصدفين هو أحد جانبي الجبل كما ورد في المصادر.