تعريف بالنحل
ينتمي النحل، الذي يضم حوالي 20,000 نوع، إلى مجموعة الحشرات المعروفة بالرّتبة ذوات الخصر، والتي تُصنف ضمن رتبة غشائيات الأجنحة. تختلف هذه الأنواع بشكل كبير من حيث الشكل واللون والحجم، حيث يتراوح حجم النحل البالغ من 2 ملم إلى 4 سم تقريبًا. يُعتبر النحل شقيقًا للدبور، ويظهر اختلاف واضح بين أنماط حياة كل نوع، بما في ذلك المواقع التي تبني فيها أعشاشها، مواسم نشاطها، وأنواع الزهور التي تزورها. فعلى سبيل المثال، بعض أنواع النحل تلعب دورًا مهمًا في تلقيح الأزهار وفقًا لمواعيد تفتحها وإنتاج الرحيق، بينما قد تستخدم أنواع أخرى النحل الطويل المرور على مدار اليوم، والبعض الآخر يتسم بالنشاط عند الفجر. ومن الجدير بالذكر أن النحل يساهم بشكل كبير في البيئة، حيث يُلقح حوالي 80% من النباتات المزهرة و75% من أشجار الفواكه والخضروات والمكسرات.
مستعمرة النحل
تعمل جميع أعضاء مستعمرة النحل بتنسيق عالٍ، إذ تتوزع المهام بين الملكات، والعاملات، والذكور، وكل منها يمتاز بتركيبة وظيفية مختلفة. تبدأ دورة حياة النحل من بيضة واحدة طولية الشكل تُوضع في ثقوب المستعمرة لمدة ثلاثة أيام، ثم تفقس لتدخل مرحلة اليرقة، التي تتطلب اهتمامًا ورعاية حثيثة على مدار الساعة. تُغذى اليرقة بغذاء ملكات النحل الذي تنتجه العاملات لعدة أيام، تليها مرحلة تغذية باستخدام ما يُعرف بخبز النحل، وهو مزيج من العسل وغبار الطلع. تظل اليرقة محاطة بأبواب الثقوب لمدة تتراوح بين أسبوع إلى أسبوعين حتى تتحول إلى شرنقة، ومن ثم تتحول إلى حشرة بالغة كاملة الأعضاء.
أنواع النحل
النحل الطنان
يمتاز النحل الطنان (بالإنجليزية: Bumble bees) بحجمه الكبير مقارنة بأنواع النحل الأخرى، ويتميز بغطائه الفروي، وغالبًا ما يكون لونه أسود وأصفر، بينما قد يحتوي بعض الأنواع على لونين إضافيين هما الأبيض والبرتقالي. يجدر بالذكر أن هناك حوالي 25 نوعًا من النحل الطنان تنتشر في شرق الولايات المتحدة.
النحل النجّار
يعيش النحل النجّار (بالإنجليزية: Carpenter bees) في الخشب، ويشبه النحل الطنان إلا أنه نوع من النحل الانفرادي. يُمكن تمييزه من خلال حجمه الكبير ولمعانه الأسود، وينتشر في أنحاء شرق الولايات المتحدة، حيث يدخل في فترة سبات خلال الشتاء يتبعها موسم تزاوج في الربيع.
نحل العرق
سُمي نحل العرق (بالإنجليزية: Sweat bees) بهذا الاسم نظرًا لجذب بعض أنواعه لعَرَق الإنسان، ويعيش معظمها في الأرض، لكن بعض الأنواع قد تسكن في الخشب. تحتوي بعض أنواع هذا النحل على طبيعة اجتماعية، حيث تكون مملكة واحدة تحت قيادة ملكة واحدة، بينما تعيش أنواع اخرى بشكل انفرادي خارجة عن مستعمرة النحل. تُعرف بعض الأنواع الطفيلية التي تعتمد في غذائها على النحل الآخر، ويتميز نحل العرق بلونه الداكن أو الأخضر.
النحل الحفار
يعيش النحل الحفار (بالإنجليزية: Mining bees) في الأرض ويقوم بحفر أنفاق تتفرع إلى غرف تحتوي على مزيج من غبار الطلع والرحيق، الذي يُعَدّ ضروريًا لتطوير البيوض إلى يرقات تنطلق في الربيع أو الصيف.
النحل البنَّاء
يُعرف النحل البنّاء (بالإنجليزية: Mason bees) بأنه يعيش في أغصان الأشجار المجوفة أو التجاويف، مستخدمًا الطين كمكان فاصل بين كل بيضة وأخرى. يتميز هذا النوع بلونه الأخضر أو الأزرق اللامع أو الأسود، وتكون إناثه عادة انفرادية.
النحل القارض
يأخذ النحل القارض (بالإنجليزية: Leafcutter bees) اسمه نتيجةً لقصه لأوراق النباتات إلى دوائر صغيرة يُستخدم في بناء أعشاشه التي تُركب غالبًا في الأخشاب أو السيقان المجوفة أو الأرض. يحمل هذا النوع من النحل حبوب اللقاح في الجزء السفلي من بطنه، بخلاف معظم الأنواع الأخرى التي تحملها على أرجلها، وتُعتبر معظم أنواع هذا النحل فرادية.
نحل العسل الأوروبي
يُعرف نحل العسل الأوروبي (بالإنجليزية: European honey bee) بلونه الذهبي أو الأصفر المائل إلى البني ويبلغ طوله حوالي 1.25 سم. وُجد هذا النوع في أمريكا عندما أحضره المستعمرون الأوروبيون في القرن السادس عشر. يُعتبر نحل العسل نوعًا اجتماعيًا يعيش بتناغم داخل المستعمرة. تجدر الإشارة إلى أن معظم أنواع النحل تعيش فرادى، باستثناء نحل العسل وأنواع نادرة تعيش في مستعمرات كبيرة. عندما يكون هذا النوع مُعرضًا للخطر، يظهر سلوكًا عدوانيًا لحماية نفسه عبر إبرة حادة، تُستخدم للدفاع عن النفس، وعند غرزها في جسم المعتدي، يموت النحل بعد فترة قصيرة.
يتكون قرص العسل في جميع أنواع نحل العسل من خلايا شمعية سداسية الشكل تُفرز من غدد النحل العامل ويتم تجميعها في أشكال رقائق صغيرة، مُحاطة بالعكبر (بالإنجليزية: Propolis)، وهي مادة شمعية تُجمع من براعم وعصارة الأشجار. يتم تخزين العسل داخل هذا القرص، كما يتنقل نحل العسل بين المواقع عن طريق الانفصال؛ حيث يغادر جزء من المستعمرة مع الملكة القديمة. يجدر بالذكر أن نحل العسل يفر عادة عندما يشعر بالتهديد لمستعمرته.
تركيب النحل
يتكون جسم النحل مشابهًا لبقية الحشرات من الرأس والبطن والصدر، ويضم ستة أرجل وزوجين من الأجنحة. إليكم تفاصيل التركيب:
- الرأس:
- قرون استشعار للمس والشم.
- عينان مركبتان.
- ثلاث عيون بسيطة.
- فك سفلي يستخدم للقضم والحفر.
- الصدر:
- زوجان من الأجنحة الغشائية.
- ثلاثة أزواج من الأرجل.
- البطن:
- تنقسم في الإناث إلى ست قطع، وسبع في الذكور.
- غدد شمعية داخلية.
- إبرة عند الإناث.
- شعر متفرغ.
تمتلك بعض الإناث خصلة شعر تشبه الفرشاة لتجميع حبوب اللقاح على ساق النحلة.
غذاء النحل
يظهر النحل انتقائية في غذائه، حيث يزور عددًا كبيرًا من الأنواع لكن نادرًا ما يجمع حبوب اللقاح منها. يعتمد النحل على الرحيق كمصدر للكربوهيدرات والماء، بالإضافة إلى حبوب اللقاح التي تعتبر مصدرًا للبروتين والدهون. أيضًا، وُجد أن تنوع النباتات المحيطة بمستعمرة معينة يؤثر بشكل كبير على نمو اليرقات.
السلوك الاجتماعي للنحل
ينقسم سلوك النحل الاجتماعي إلى نوعين رئيسيين:
النحل الانفرادي
يتسم هذا النوع بالعزلة، حيث تقوم كل أنثى بإنشاء مأوى خاص بها وتجمع الغذاء لصغارها. في بعض الحالات، تغادر الأنثى أو تموت قبل أن تنضج الصغار. في حالات تُعرف بالعلاقات شبه الاجتماعية، تعتني الأنثى بالصغار بدلاً من جمع الطعام، بينما توجد أنواع أخرى تُشترك الأنثى في العش، حيث تبني كل منهن خليتها الخاصة وتتشارك المكان.
النحل الاجتماعي
يتكون المجتمع الاجتماعي من مستعمرات كبيرة، حيث تُنشئ الإناث مأوىً واحدًا للجميع، ويكون هناك ملكات مسؤولة عن التزاوج. العاملات تعتني بالحاضنة وتبحث عن المؤن، بينما لا تتزاوج. يُعتبر الذكور غير جزء نشط من المستعمرة، إذ تقتصر وظائفها على التزاوج مع الملكة. يوجد بين أنواع النحل الاجتماعي بعض الأنواع التي تتصف بسلوك تعاوني عالٍ ومعيشة جماعية، بينما تعتبر المجتمعات الصغيرة ذات التنظيم البدائي.
مواطن النحل
تنتشر أنواع النحل في مختلف المناخات حول العالم، من غابات أوروبا وصولًا إلى صحارى إفريقيا وحتى المناطق القطبية الشمالية، على عكس نحل العسل والنحل البري المنتشر في الولايات المتحدة.
لغة النحل
يحتاج النحل مثل معظم الكائنات الحية ذات الذكاء إلى وسيلة للتواصل بين أفراده، ومن خلالها يمكنهم التعبير عن حاجاتهم بشأن مواقع الغذاء أو تحديد أماكن خلايا جديدة. تتمثل هذه اللغة في ثلاث طرق:
- اللمس: يُعتبر اللمس بين قرون استشعار النحل وسيلة للتعرف على بعضهم البعض، وتحديد الهوية. كما يُستخدم اللمس بالأرجل لقياس حجم قرص العسل، مما يحفز النحل على الحفاظ على نظافة قرون استشعارهم.
- الفيرمونات: الفيرمونات التي تُطلقها أفراد النحل تُعطي رائحة خاصة تساعدهم على التعرف على بعضهم البعض. تستخدم الملكة فيرمونات خاصة بها لمنع الإناث من وضع البيوض، بالإضافة إلى إفراز فيرمونات عند الإحساس بتهديد ما.
- الرقص: يُعتبر الرقص وسيلة فريدة من وسائل التواصل، يُستخدم عندما يعود النحل من رحلة بحث عن أماكن جديدة، حيث يُظهر الرقص الإيقاعي جودة المكان، وينضم النحل المعني للراقصات. يتم تحريك النحل نحو المكان الجديد عندما يتم الوصول إلى توافق في الرأي.
يُستفاد من تحذير النحل عند الشعور بالخطر بواسطة الطنين، بخلاف سلوكيات أخرى تظهر في نحل العسل مقارنة بالنحل الإفريقي، حيث يمكن أن يتبع النحل المعتدي ساعة حدوث التهديد.
أهمية النحل في تلقيح النباتات
يُعتبر نحل العسل من أهم ملقحات المحاصيل في العالم نظراً لأنه الأكثر انتشارًا، وتشير التقديرات إلى أن ثلث المواد الغذائية التي نتناولها يوميًا تعتمد على التلقيح، مع وجود النحل بصفة رئيسية، جنبًا إلى جنب مع الطيور وحشرات أخرى. فعلى سبيل المثال، يقوم نحل العسل بتلقيح حوالي 80% من المحاصيل التجارية في الولايات المتحدة، وتُقدّر قيمة مساهمة نحل العسل في الاقتصاد البريطاني عام 2008 بحوالي 165 مليون جنيه إسترليني.
تبدأ عملية التلقيح عندما تُظهر النباتات استعدادها لذلك، حيث تُنقل حبوب اللقاح من أجزاء الذكور إلى الأجزاء الأنثوية، حيث يُعتبر النحل جزءًا من تلك الوسائل. يتم نقل حبوب اللقاح من أماكن الذكور بسرعة، لكن بعض النباتات مثل الطماطم والبطاطس تحتاج إلى هزة معينة لتحقيق تلقيح فعال. كما يعتمد نقل حبوب اللقاح على شحنة كهربائية تُصدرها النباتات.
كذلك، وُجد أن هناك علاقة مباشرة بين حجم النحل والمسافة التي يمكنه قطعها أثناء التلقيح. بوجود بعض الأنواع القادرة على السفر لمسافات أكبر، بينما يقتصر قدرات أنواع أخرى بناءً على حجومها. تُجمع حبوب اللقاح من أنواع النباتات، بنقاء أو اختلاط.
بعض سلوكيات النحل
تظهر لدى النحل العديد من السلوكيات المثيرة، ومنها:
- يمكن لنحل العرق تلقيح النباتات التي تتفتح ليلاً باستخدام ضوء القمر.
- تبني ملكة النحل الطنان أعشاشًا صغيرة لوضع البيوض، مع الحرص على إبقائها دافئة، بينما تضع وعاءً مملوءًا بالرحيق بجانبها.
- تستطيع بعض أنواع النحل تحديد النباتات الغنية بالرحيق استنادًا إلى قياس الشحنة الكهربائية الموجبة.
تربية النحل
تتطلب تربية النحل عدة خطوات أساسية، وتشمل ما يلي:
- شراء النحل: يُفضل طلب النحل من جمعيات تربية النحل في شهر يناير ليصل في أشهر الربيع.
- اختيار نمط الخلية: يجب اختيار نوع الخلية حسب الرغبة، حيث تتوفر خلايا عمودية وأفقية.
- توفير اللوازم: تتطلب عملية التربية بعض المعدات مثل الملابس الواقية ووسائل التغذية.
- وضع النحل في الخلية: بعد استلام النحل، يُضع في الخلية المعدة مسبقًا، مع توفير الوقت اللازم للتأقلم.
- مراقبة الخلية: من الضروري مراقبة نشاط النحل داخل الخلية بانتظام لضمان صحة النحل وتحقيق بيئة مثمرة.
مهددات وحلول
تتعرض بعض أنواع النحل حول العالم إلى انخفاض ملحوظ في تعدادها، ويرجع الباحثون ذلك إلى عدة عوامل، منها:
- تغير المناخ: تأثيرات تغييرات المناخ، مثل الاحترار والعواصف والأمطار والجفاف، تؤدي إلى تدهور أعداد النحل.
- المبيدات الحشرية: استخدام المبيدات الكيميائية يشكل خطرًا واضحًا على النحل، خصوصًا بعد اتساع نطاق استخدامها في التسعينات.
- فقدان الموائل: يُعتبر فقدان المواطن الطبيعية نتيجة الأنشطة البشرية أحد أكبر التهديدات للنحل.
- انتشار الأمراض: التعرض للأمراض والطفيليات، يمثل تهديدًا كبيرًا لبعض أنواع النحل التجاري.
- غزو الأنواع الدخيلة: بعض الأنواع الغريبة تهدد استمرارية أنواع النحل الأصلية من خلال تدمير مواقع تجمعاتها.
يمكن للأفراد الاضطلاع بدور فعال في الحفاظ على أنواع النحل من خلال اتخاذ تدابير متعددة:
- زراعة النباتات المزهرة على مدار السنة لضمان توفير الرحيق وحبوب اللقاح.
- تهيئة مواطن ملائمة لتعشيش النحل، مثل الرمال أو جذوع الأشجار المتعطشة.
- شراء أو بناء منازل خاصة للنحل التي تتوفر في الأسواق.
الفرق بين النحل والدبور
يتنوع الفرق بين النحل والدبور في العديد من الجوانب:
وجه الاختلاف | النحلة | الدبور |
---|---|---|
الجسم | جسم عريض | جسم نحيل مع خصر رفيع |
وجود الشعر | غياب الشعر الفضي على الوجه ووجود شعر عام على الجسم | وجود شعر فضي على الوجه وانعدام الشعر في بقية الأجزاء |
جمع حبوب اللقاح | تجمع حبوب اللقاح بواسطة شعيرات على الأرجل أو أسفل بطن الإناث | لا توجد شعيرات لجمع حبوب اللقاح |
الأرجل | تمتلك أرجلًا بدينة مع قليل من الزغب | تمتلك أرجلًا طويلة بها الزغب |
الهوامش
*ذوات الخصر: رتيبة تتبع رتبة غشائيات الأجنحة في تصنيف الحيوانات، وتشمل النمل والنحل والدبور وغيرها.
فوائد النحل
تحمل النحل فوائد متعددة، فهو لا ينتج العسل الذي يُعتبر سائلًا سكريًا ولذيذًا فحسب، بل يسهم أيضًا في تلقيح النباتات التي تُعد أساسًا لنمو المحاصيل الزراعية والفواكه، والتي تُشكل مصدر غذاء للإنسان والحيوانات. على الرغم من وجود وسائل تلقيح متعددة تشمل الحشرات، والرياح، والطيور، إلا أن النحل يُعتبر واحدًا من أهمها، نظرًا لقدراته العالية في تلقيح النباتات. ومن أهم المحاصيل التي تعتمد على النحل: البروكلي، والخيار، والفراولة، والمشمش، والتفاح، والطماطم، واللوز. ومن الجدير بالذكر أن حوالي 80% من إجمالي النباتات الزهرية في العالم تعتمد على الحشرات بما في ذلك النحل، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة.