تشخيص أورام الغدة النخامية
يعتبر اكتشاف أورام الغدة النخامية (بالإنجليزية: Pituitary adenomas) من الأمور التي يسهل تحديدها في كثير من الحالات، حيث تظهر بعض الأعراض على المريض. إلا أن هناك حالات لا يصاحبها أي أعراض واضحة، مما قد يؤدي إلى عدم تشخيص الإصابة بالورم. بالنسبة للأورام التي تُظهر أعراضًا، يمكن أن تنشأ هذه الأعراض نتيجة لانخفاض قدرة الغدة على إنتاج الهرمونات بشكل طبيعي بسبب الضغط الناتج عن زيادة حجم الورم. أو قد تنتج عن زيادة إفراز هرمونات الغدة النخامية. كما قد يظهر بعض الأعراض بسبب الضغط الواقع على الأعصاب المحيطة بالغدة، مثل الأعصاب البصرية. من المهم ملاحظة أن بعض الأعراض قد تشير إلى نوع الورم الذي ينمو في الغدة النخامية.
التاريخ الصحي والفحص السريري
عند الشك في وجود أحد أنواع أورام الغدة النخامية، يقوم الطبيب بإجراء مجموعة من التحاليل والاختبارات التشخيصية بعد إجراء فحص سريري شامل. يتم خلال الفحص استفسار المريض عن تاريخه الصحي الشخصي والعائلي، بما في ذلك وقت ظهور الأعراض وطبيعتها، وأي تاريخ عائلي للإصابة بأورام الغدة النخامية أو غيرها من الأورام الغدية. كما يتم النظر في وجود عوامل خطورة قد تسهم في زيادة احتمالية الإصابة بالأورام، مثل الاضطرابات الوراثية كمتلازمة الورم الصماوي المتعدد من النوع 1 (MEN1). الفحص السريري يمكن أن يساعد في تحديد بعض الأعراض التي قد تشير إلى المرض، الناجمة عن فرط إنتاج الهرمونات أو انخفاضها، مثل الوجه البدر والوجه القمري (بالإنجليزية: Moon face) الناتج عن ورم يفرز هرمون ACTH.
يجدر بالذكر أن الطبيب قد يحول المريض إلى أخصائي غدد صماء، أو طبيب عيون، أو طبيب جراحة أعصاب للتقييم الدقيق لحالة المريض، واجراء بعض الاختبارات التشخيصية الإضافية. على سبيل المثال، في حالة الشك القوي في وجود ورم، يتم تحويل المريض لطبيب العيون لإجراء تقييم شامل للرؤية.
اختبارات العين ومجال الرؤية
يمكن أن تتسبب اختلالات الغدة النخامية في مشاكل بصرية، أو حتى فقدان البصر، خاصة إذا ضغط الورم على العصب البصري (بالإنجليزية: Optic nerve). لذلك، يُوصى بإجراء فحص للعين لتقييم صحة العين ورؤية المريض. يجب أن نلاحظ أن أورام الغدة النخامية يمكن أن تتطور بصورة بطيئة، مما يؤدي إلى ظهور الأعراض بشكل تدريجي. يشمل اختبار مجال الرؤية قياس مدى الرؤية الطرفية والمركزية، حيث يتم إجراء هذا الاختبار لكل عين على حدة مع تغطية العين الأخرى حال التنفيذ.
الاختبار العصبي
يتضمن الاختبار العصبي مجموعة من التحاليل والأسئلة التي تهدف إلى تقييم وظائف الأعصاب والدماغ والحبل الشوكي (بالإنجليزية: Spinal cord). يركز الاختبار على مجموعة من الجوانب مثل قدرة المريض على المشي، التنسيق الحركي، التوازن، الحالة العقلية، ردود الأفعال، الإحساس، واستجابة العضلات.
تحليل نسبة الهرمونات في الدم
كما ورد سابقًا، يمكن أن تؤدي أورام الغدة النخامية إلى زيادة أو نقص إفراز بعض الهرمونات. وبالتالي، يمكن استخدام تحليلات الدم أو البول كمؤشر لتحديد الإصابة بأنواع معينة من الأورام. فيما يلي بعض تحاليل الدم الهامة التي قد تُساعد في تشخيص أورام الغدة النخامية:
هرمون النمو وعامل النمو الشبيه بالإنسولين-1
يُطلب من المريض الصوم الليلة التي تسبق التحليل، حيث يتم إجراء الفحص في الصباح. يُعتبر هذا التحليل علامة على الإصابة بأورام الغدة النخامية، إذ إن الغدة تفرز هرمون النمو الذي يحفز إنتاج عامل النمو الشبيه بالإنسولين-1 من الكبد. إذا كانت مستويات هرمون النمو وعامل النمو مرتفعة، فهذا قد يشير إلى وجود ورم. في حالة ارتفاع طفيف، قد يُطلب اختبار كبت الجلوكوز (بالإنجليزية: Glucose suppression test) لقياس مستويات السكر وهرمون النمو في أوقات مختلفة بعد تناول مشروب غني ب السكر، مما قد يساعد في الفحص الدقيق للإصابة بورم الغدة النخامية.
تحليل هرمون البرولاكتين
يتم تحليل البرولاكتين بالتزامن مع تصوير الغدة النخامية بالرنين المغناطيسي. أي ارتفاع بسيط في مستوى الهرمون قد يدل على وجود ورم في الغدة، مثل الورم البرولاكتيني (بالإنجليزية: Prolactinoma). تأكيد الإصابة يأتي بعد الكشف عن الورم باستخدام الرنين المغناطيسي، مع الأخذ في الاعتبار أن ارتفاع مستويات البرولاكتين قد يكون ناتجًا عن بعض الأدوية، مما يؤدي غالبًا إلى ظهور الغدة بشكل طبيعي عند الفحص بالرنين.
تحليل الهرمون المنبه للدرقية
ارتفاع هرمون التحفيز الدرقي (TSH) يمكن أن يشير في حالات نادرة إلى الإصابة بورم في الغدة النخامية، مما قد يؤدي إلى فرط نشاط الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Hyperthyroidism).
اختبار التثبيط بالديكساميثازون
يهدف اختبار التثبيط بالديكساميثازون (بالإنجليزية: Dexamethasone suppression test) إلى تحليل قدرة الغدة النخامية على تثبيط إنتاج هرمون ACTH، مع قياس مستويات هرمون الكورتيزول في الدم. يتم استخدام دواء ديكساميثازون لقياس مستوى الكورتيزول، ويتضمن الاختبار نوعين:
اختبار التثبيط بالديكساميثازون ذو الجرعة العالية
في هذا الاختبار، يُستخدم جرعة كبيرة أو عدة جرعات من الديكساميثازون، ويُقاس مستوى الكورتيزول في الدم أو البول على مدار ثلاثة أيام. من خلال تلك النتائج يمكن تحديد ما إذا كان ارتفاع مستويات الكورتيزول ناتجًا عن اضطراب في الغدة الكظرية أو الغدة النخامية.
اختبار التثبيط بالديكساميثازون ذو الجرعة المنخفضة
يشبه هذا الاختبار سابقه، لكن يتم فيه استخدام جرعة منخفضة أو جرعات متعددة من الدواء للكشف عن سبب ارتفاع هرمون الكورتيزول.
اختبار كيمياء الدم
تشير دراسة كيمياء الدم إلى هي تلك التحاليل التي تفحص عينة الدم لتحديد مستوى بعض العناصر، مثل سكر الدم أو الجلوكوز، إذ يمكن أن تشير مستوياتها المرتفعة أو المنخفضة إلى مشكلات صحية معينة.
تحليل البول على مدار 24 ساعة
في هذا التحليل، يتم جمع عدة عينات من بول المريض على مدار 24 ساعة لقياس مستوى بعض العناصر. وهذا يساعد في استنتاج مشكلات صحية تتعلق بالأعضاء المسؤولة عن هذه العناصر. على سبيل المثال، ارتفاع هرمون الكورتيزول قد يشير إلى متلازمة كوشينغ، أو فرط نشاط قشر الكظر، أو اورام الغدة النخامية.
الاختبارات التصويرية
تتعدد أنواع الاختبارات التصويرية التي تساعد في الكشف عن أورام الغدة النخامية، مثل التصوير بالأشعة السينية، والتصوير بالرنين المغناطيسي، حيث تسهم هذه الفحوصات في تحديد ما إذا كان الورم قد انتشر إلى مناطق أخرى. بشكل ملحوظ، قد يتم اكتشاف بعض أورام الغدة النخامية عند تصوير الرأس خلال تشخيص حالات صحية أخرى.
التصوير بالرنين المغناطيسي
يعتبر التصوير بالرنين المغناطيسي (بالإنجليزية: Magnetic Resonance Imaging) إحدى طرق التصوير المتوفرة، حيث يعتمد على حقل مغناطيسي قوي لإنتاج صور داخلية دقيقة للجسم، مما يتفوق على التقنيات الأخرى مثل الأشعة السينية والتصوير الطبقي المحوري. يمكن من خلاله تحديد موقع وحجم الورم في الغدة النخامية، حيث يتم تصوير منطقة السرج التركي (بالإنجليزية: Sella turcica) باستخدام مواد تباين مثل الجادولينيوم لتوضيح الصورة.
التصوير الطبقي المحوري
يمكن اللجوء إلى التصوير الطبقي المحوري في الحالات التي لا يمكن فيها استخدام التصوير بالرنين المغناطيسي، مثل وجود جهاز تنظيم ضربات القلب. يُسجل عدة صور باستخدام الأشعة السينية، التي تُدمج لاحقًا لتوفير صورة ثلاثية الأبعاد، مع استخدام مواد تباين لتحسين الجودة.
التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني
يمكن استخدام دمج التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (بالإنجليزية: Positron emission tomography) مع الرنين المغناطيسي لاكتشاف بعض الأورام النادرة لدى الأشخاص المصابين بمتلازمة كوشينغ أو ضخامة الأطراف، مما يمكن الأطباء من تحديد مصدر الورم بشكل دقيق.
اختبار عينات الدم الوريدية النخامية
في بعض الحالات، قد يكون من الصعب تحديد الأورام باستخدام الرنين المغناطيسي، في هذه الحالة قد يتم اللجوء إلى اختبار عينات الدم الوريدية النخامية. فئة معينة من الاختبارات تتضمن زرع أنابيب دقيقة في الأوردة وقد تستخرج عينات الدم لتحديد مستويات هرمون ACTH، ويتم قياس تغيرات مستوياته بين الجانبين من الغدة النخامية.
الخزعة
في بعض الأحيان، قد يطلب الطبيب إجراء خزعة من نسيج الغدة النخامية للتمكن من تأكيد التشخيص وتحديد العلاج الأنسب، حيث يتم تحليل العينة المخبرية من قبل أخصائي علم الأمراض، مع إمكانية إجراء مجموعة من التحاليل على العينة.
اختبار الكيمياء النسيجية المناعية
يمكن أن تُظهر الخلايا السرطانية مولدات مضاد خاصة، ولذلك قد يُجرى اختبار الكيمياء النسيجية المناعية لدراسة هذه المولدات باستخدام أجسام مضادة مشعة لتحديد نوع المرض.
المجهر الضوئي والإلكتروني
يمكن استخدام المجهر الضوئي أو الإلكتروني لدراسة العينة الخلوية للبحث عن أي تغيير سيئ في الخلايا.
البزل القطني
في حالات نادرة، قد يلجأ الأطباء لإجراء البزل القطني لمراقبة وجود تحولات غير طبيعية في السائل الدماغي الشوكي، مثل فحص الدم أو الخلايا السرطانية ضمن العينة.
تحديد درجة ورم الغدة النخامية
يعتمد الطبيب على نتائج الاختبارات المختلفة لتحديد درجة ورم الغدة النخامية، وبشكل عام، فإن معظم الأورام ليست سرطانية، فلا يوجد نظام محدد لتقييم الدرجات. يتم تحديد الدرجة بواسطة حجم الورم ومدى انتشاره في الأنسجة المجاورة؛ الأورام التي لا تتجاوز 1 سم تُسمى الأورام الغدية المكروية، بينما تُعرف الأورام التي تتجاوز 1 سم بـ “الأورام الغدية الكبرى”.
فيديو عن أورام الغدة النخامية
يتحدث مستشار جراحة الدماغ والأعصاب والعمود الفقري، الدكتور محمد سماحة، عن أعراض وعوامل التشخيص لأورام الغدة النخامية.