فهم سورة الشورى ومعانيها

نظرة عامة على سورة الشورى

تُعتبر سورة الشورى واحدة من السور المكية، كما يوافق على ذلك أغلب العلماء، رغم وجود عدد قليل من الآيات التي نزلت في المدينة. بدأت آياتها في النزول في السنة الثامنة من البعثة النبوية، ويُعتقد أن هذا النزول استمر حتى السنة التاسعة. تُعد هذه السورة رقم 42 في ترتيب النزول، حيث نزلت بعد سورة الكهف وقبل سورة إبراهيم، وتحتوي على خمسين آية بحسب قراءة أهل مكة والمدنية والشام والبصرة، و53 آية حسب قراءة الكوفة. وقد عُرفت السورة بمسمى (حم عسق) بين أهل العلم.

صلات سورة الشورى بالسور الأخرى

تتميز سورة الشورى بترابطها الوثيق مع السورة التي قبلها بعدها، حيث تسبقها سورة فصّلت وت-followها سورة الزخرف. إليكم تفاصيل هذا الترابط:

صلات سورة الشورى بالسورة التي تسبقها

تتصل سورة الشورى بسورة فصّلت من خلال أربع جوانب رئيسية كما يلي:

  • الدفاع عن القرآن الكريم، حيث تتصدى السورتان لشبهات المشركين حول القرآن. في سورة فصّلت، ذكرت: (حم*تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ*كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)، وفي سورة الشورى: (حم*عسق*كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ اللَّـهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
  • تأكيد وحدانية الله وتفرده في خلق الكون، واحتواء السورتين على إنذارات للمشركين نتيجة أعمالهم. فقد جاء في سورة فصّلت: (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ)، بينما تكرر في سورة الشورى: (فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا).
  • إبراز رحمة الله الشاملة لعباده وقبول توبتهم. حيث تقول سورة فصّلت: (مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا)، وفي سورة الشورى: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ).
  • إلهام المؤمنين بالتمسك بأوامر الله واكتساب الخير في الآخرة.
  • تنبيه المشركين من العذاب إن لم يستجيبوا لأوامر الله.

صلات سورة الشورى بالسورة التي تليها

تشترك سورتي الشورى والزخرف في تناول موضوعات تتعلق بوحدانية الله وإثبات وجوده، كما تشير إلى ما ينتظر المؤمنين من جزاء في الجنة وما ينتظر الكافرين من عقاب. بداية ونهاية السورتين تتشابه في الحروف المقطعة؛ حيث تبدأ سورة الشورى بآيات تتضمن: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ روحًا مِّنْ أَمْرِنَا)، بينما تبدأ سورة الزخرف بآية: (حم*وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ).

تفسير تسمية سورة الشورى

تم تسمية سورة الشورى بهذا الاسم لإبراز أهمية الشورى في حياة المسلمين ودعوتهم لتبنيها كمنهج في حياتهم اليومية. حيث قال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ). بالإضافة إلى ذلك، تحمل السورة عدة أسماء، ومنها:

  • حم عسق: وهو الاسم المعروف من السلف الصالح، وقد ذكره الإمام البخاري في تفسيره.
  • شورى: بدون الألف واللام.
  • المؤمن: وهو اسم استخدم في بعض التفاسير.

الأحداث المرتبطة بنزول سورة الشورى

توجد عدة روايات تتعلق بظروف نزول بعض آيات سورة الشورى، ومن هذه الروايات:

  • الرواية الأولى: جاء عن ابن المنذر عن عكرمة أن آية (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّـهِ) نزلت بعد حديث المشركين عن دخول الناس في الإسلام.
  • الرواية الثانية: تتعلق بآية (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا) التي ذكرت في سياقها حال الفقراء من المسلمين.

مقاصد سورة الشورى والمواضيع التي تناولتها

تحتوي سورة الشورى على مقاصد عميقة ومواضيع هامة، منها:

  • الاعتراف بأن الله هو مصدر الرسالات السماوية.
  • إظهار رحمته بعباده وقبول توبتهم.
  • عرض مجموعة من الآيات الكونية التي تدل على إبداع خلق الله.
  • الحث على التحلي بأخلاق رفيعة مثل الصبر والصفح.
  • الرد على منكري البعث وإثبات يوم القيامة.

فضل سورة الشورى

توجد عدة أحاديث تتحدث عن فضل سورة الشورى، منها ما روى عن المهلب بن أبي صُفرة والحديث حول ذكر الله -صلى الله عليه وسلم- للشورى كوسيلة للثبات في مواجهة الأعداء.

Scroll to Top