فهم الاعتباطية في علم اللغة
يُعرّف العالم (دي سوسير) مفهوم الدلالة على أنه الرابط بين الدال والمدلول ضمن العلامة اللسانية، حيث تتسم هذه العلاقة بكمال الاتصال بينهما.
الهيكل اللغوي بين الدال والمدلول
يعتبر (دي سوسير) أن الهيكل اللغوي هو كيان ذهني يتألف من دال ومدلول. يمثل الدال في مفهومه الصورة السمعية أو مجموعة الأصوات المعبرة، مما يعني أنه يمكن أن يكون اللفظ المنطوق أو التفكير غير المنطوق.
أما المدلول، فيمثل الصورة الذهنية أو الشيء الذي يتشكل في العقل ويرتبط بلفظ معين، وذلك بفعل التكرار، مما يعزز هذا التصور للدال.
العلامة اللسانية وفقًا لـ (دي سوسير)
يعتقد (دي سوسير) أن العلامة اللسانية لا تربط الشيء باسمه، بل تربط تصوراتنا عن الشيء بصورة سمعية. من خلال هذا الفهم، نفترض أننا نستطيع الحوار مع أنفسنا، ما دامت لدينا القدرة على استحضار الصور الذهنية دون الحاجة إلى تحريك شفاهنا.
الاعتباطية في اللغة
يساهم تحليل الدال في فهم المدلول، إذ يعرف (دي سوسير) الدال بأنه اللفظ بينما المدلول هو المعنى. المدلول هنا يُستحضر في الذهن ويثيره الدال.
تعتبر العلامة اللغوية عند (دي سوسير) عبارة عن الرابط بين الدال والمدلول، حيث العلاقة بينهما اعتباطية، مما يعني أنها اصطلاح غير معلل كما ينظر إليها.
كما يشير إلى أن كل مجتمع لديه نظام تعبير يسيطر بين أفراده، يتم الاتفاق عليه بصورة جماعية. لهذا، لا يستطيع الأفراد التعرف على المعنى الذي تشير إليه الأصوات إلا من خلال التفاهم المتعارف عليه ضمن مجتمعهم.
تتسم العلاقة بين الدال والمدلول بالاعتباطية، حيث يتواجد المعنى ذاته ولكن يمكن التعبير عنه بعدة ألفاظ مختلفة. ويشير إلى أن الأشياء لا تفرض أسمائها، وهذا يعني أنه لو كان الأمر كذلك لكانت لغة البشر واحدة.
أبعاد الاعتباطية عند (دي سوسير)
توصل (دي سوسير) إلى عدة مناهج لفهم الاعتباطية من خلال مناقشاته ودراساته، ومنها ما يلي:
- تتأسس الاعتباطية على مبدأ المواضعة، الذي يشير إلى كل ما يتفق عليه أفراد مجتمع معين بخصوص الكلمات والمفردات والعبارات المستخدمة بينهم.
- تسهم الاعتباطية في حفظ اللغة وثباتها، إذ تعتبر اللغة عند (دي سوسير) ثابتة لأنها مرتبطة بالفرد، ومتغيرة لأن لها صلة بالجماعة.
- يتضح تأثير الاعتباطية على العلامة اللغوية، فاللغة تعد وسيلة ربط بين الصوت والفكر.
أشكال الاعتباطية عند (دي سوسير)
يعتبر سوسير أن للاعتباطية نوعين: مطلقة ونسبية. تعني الاعتباطية المطلقة أن الدال والمدلول لا يتواجد بينهما أي ارتباط، بينما تشير النسبية إلى وجود علاقة سببية بينهما، مع احتفاظ العلامة اللسانية باعتباطيتها.
ومن المهم الإشارة إلى أن لغات العالم المختلفة تدعم مبدأ الاعتباطية، حيث أن المدلول يتوافق مع كلمة معينة لها دلالة صوتية مشخصة.