تفسير سورة العاديات للأطفال
شرح الآيات المتعلقة بقسم الله بالخيل
في الآيات الخمس الأولى من السورة، يَقسم الله -سبحانه وتعالى- بالخيل. ويجدر بالذكر أن الله -عز وجل- يُقسم بما يشاء، سواء بنفسه أو بمخلوقاته، ومع اتخاذه شيئًا من خلقه كقسم، فإن ذلك يعكس عظمته وأهمية ما يُقسم به. وإليكم موجز تحليل هذه الآيات:
- (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا)
الواو التي تسبق كلمة “العاديات” تُعرف بواو القسم، حيث يُقسم الله -عز وجل- بالخيل التي تجري، مما يسبب انبعاث صوت مميز يُسمى “الضَبَح” نتيجة تنفسها.
- (فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا)
هنا، يُقسم الله -عز وجل- بالخيل التي عندما تضرب الأرض بأقدامها تتولد شرارات من النار، لذا وُصفت بأنها “الموريات”، أي المُشعلات للنار.
- (فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا)
يُقسم الله -سبحانه وتعالى- بالخيل التي تُهاجم الأعداء في ساعات الصباح المبكرة.
- (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا)
ثم يُقسم الحق -سبحانه وتعالى- بالخيل التي تُثير الغبار أثناء حركتها.
- (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا)
كما يوجه الله -تبارك وتعالى- قسمًا آخر بالخيل التي تحمل الفرسان، وعند دخولها وسط الأعداء، تؤدي إلى تشتت شملهم.
شرح الآيات المتعلقة بصفات الإنسان
قد أقسم الله -سبحانه وتعالى- في الآيات السابقة بالخيول لإظهار عدد من صفات الإنسان، ومن هذه الصفات:
- (إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ)
تشير صفة “الكنود” إلى الجحود، حيث يُظهر الله -تعالى- كيف أن الإنسان قد ينكر فضل الله -عز وجل- عليه، ناسيًا العديد من النعم ويتذكر فقط المصائب التي تعرض لها.
- (وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ)
هنا، يُوضح أن الإنسان يشهد بنفسه على جحوده للنعم، وتذكره للنقم، ولا يمكنه إنكار هذه الصفة نظرًا لظهورها بشكل واضح.
- (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ)
تُوضح هذه الآية صفة أخرى في الإنسان وهي اشتياقه للخير، بمعنى حب المال بشكل كبير.
شرح الآيات المتعلقة بإحياء الموتى ومحاسبتهم
في بقية آيات السورة الكريمة، يُحذر الله -تعالى- الإنسان من مصيره بعد الموت، حيث يتعرض لمجموعة من الصفات والأعمال السيئة، ويُذكره الله -تعالى- أنه على دراية بكافة أحواله:
- (أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ)
تتضمن هذه الآية سؤالًا مقصودًا، حيث يُذكّر الله -تعالى- الإنسان الجاحد بنهاية حياته وبعثه بعد الموت، وهي حقيقة تجلب الخوف، على أمل أن تعود بالنفس إلى الصواب. ولفظ “بُعثر” يعني قلب الشيء من أسفل إلى أعلى، كمؤشر على إحياء الأموات.
- (وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ)
المعنى هنا “حصّل” أي جمع وأحاط به، ويؤكد الله -تعالى- عبر سؤال آخر أنه سيجمع ما أخفاه الإنسان في ذاته من صفات وأخلاق ليُحاسبه عليها.
- (إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ)
تشير هذه الآية إلى أن من يتأمل في السؤالات السابقة سيفهم أن الله -عز وجل- هو الذي سيبعثر القبور ويُخرج الأموات، وهو على علم بما يُخفيه الإنسان في نفسه، فهو خبير بكل أحوال الناس في كل الأوقات، وخبير بيوم البعث حيث ستتحقق كل هذه الأمور.