تعريف علم الغيب وأهميته في الإسلام

تعريف علم الغيب

يُعتبر علم الغيب من العلوم المتعددة والمعقدة، حيث يحتوي على تفاصيل كثيرة يصعب الإحاطة بها نظرًا لتنوع فروعه وأقسامه. ومن المهم التنبيه إلى أن الله سبحانه وتعالى هو العليم المطلق بكل شيء، ولا يمكن لأي مخلوق أن يضاهي علم الله في مسألة الغيب.

الغيب من الناحية اللغوية

الغيب في اللغة مشتق من الفعل “غاب”، ويشير إلى كل ما هو غير مرئي أو مخفي عن العيون. كما يُعرَّف بأنه كل ما لا يمكن رؤيته حتى لو كان معروفًا في القلوب. في اللغة، يُقال “سمعت صوتًا من وراء الغيب” أي من مكان غير مرئي. وقد ذكر بعض اللغويين أن “كل مكان لا يُعرف ما فيه هو غيب”.

يُعتبر الغيب نقيض الشهادة أو الوجود الماثل، ولهذا نجد أنه ارتبط بالشهادة في سياق علم الله تعالى في القرآن الكريم. يقول الله تعالى: (وَلَهُ المُلكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ)، وهذه الأوصاف تُظهر تعظيم الله تعالى كما يتجلى في سياق الآية.

تعريف علم الغيب اصطلاحًا

علم الغيب اصطلاحًا هو كل ما غاب عن حواس الإنسان، سواء كان سراً مكتومًا يعجز الإنسان عن إدراكه ولا يعلمه إلا الله العليم، أو كان مما يعرفه الإنسان من خلال الأخبار اليقينية الواردة عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

يُظهر التعريف أن الإنسان لا يستطيع إدراك كافة جوانب الغيب، برغم أنه يمكنه معرفة بعض الأمور الغيبية من خلال ما جاء به الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم عبر الآيات والأحاديث، مثل الأوصاف المتعلقة بالجنة، التي تُعتبر جزءًا من علم الغيب، لكنها وردت لتُبيّن بعض جوانب هذا الغيب دون الإحاطة الكاملة.

اختصاص الله بعلم الغيب

إن علم الغيب بكافة أشكاله وأقسامه هو من خصائص الله تعالى، فهو الوحيد الذي يمتلك علم الغيب بشكل كامل. وعلم الله سبحانه وتعالى بالغيب هو علم شامل ومحاط بكل تفاصيله، بينما المعرفة البشرية بالغيبيات تُعتبر معرفة جزئية محدودة لا تعكس إلا جانبًا ضئيلاً من علم الغيب الرباني. يقول الله تعالى: (قُل لَا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ).

إن المعرفة بالغيب لدى البشر هي معرفة ناقصة وقابلة للاحتملات والشبهات، في حين أن علم الله بالغيب كامل ومطلق، ولا يعتريه أي شك أو ضياع؛ فهو سبحانه وتعالى يعرف كل صغيرة وكبيرة في الأرض والسماء، وهذا ما يتعذر على العقل البشري تصوره. يقول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ).

من يزعم علم الغيب يشارك في صفة من صفات الله، وهذه دعوى كاذبة تستوجب الرفض، حيث إن كل من إدعى علم الغيب من المنجمين والسحرة والكهان قد وُجد كاذبًا.

أقسام علم الغيب بحسب الوقت

يمكن تقسيم علم الغيب بالنسبة للزمان إلى ثلاثة أقسام رئيسة كما يلي:

  • علم الغيب الماضي

يشير إلى الأحداث والمجريات التي وقعت في الزمن الماضي. يمكن لبعض الأشخاص معرفة بعض جوانب هذا الغيب، ولكن معرفتهم تُعتبر نسبية وغير مطلقة كما هي معرفة الله تعالى. وقد أوضح الله هذا الأمر بقوله: (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهُمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهُمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ)

وبالنسبة للأشخاص في تلك الفترة، يكون هذا العلم حاضرًا بالنسبة لهم ولكن ليس لديهم معرفة شاملة بكل تفاصيله، إذ إن الإحاطة التامة متعلقة بعلم الله وحده.

  • علم الغيب الحاضر

هذا النوع من الغيب هو ما يختفي عن الإنسان في لحظته الحالية. على سبيل المثال، الشخص الذي يعيش في أقصى الشرق من الأرض يعتبر كل ما يحدث في الغرب في تلك اللحظة غيبًا نسبيًا بالنسبة له.

  • علم الغيب المستقبلي

وهو يتعلق بالأحداث والمجريات التي ستحدُث في المستقبل، ولا يُمكن إدراكها إلا من خلال ما ورد في الأخبار عن الله ورسوله في القرآن الكريم والسنة، مثل أحداث يوم القيامة والحديث عن الجنة والنار وغيرها من الأمور المستقبلية.

أقسام علم الغيب بحسب نطاقه ونسبته

ينقسم علم الغيب بحسب نطاقه إلى قسمين رئيسيين على النحو التالي:

  • الغيب المطلق

يغطي هذا النوع العلم الخاص بالخالق فقط ويشمل معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله. وقد حصر الله هذا المعرفة لنفسه ولم يُخبر بها أحدًا من الخلق، مثل علم الله بالمفاتيح الخمسة للغيب التي ذكرت في القرآن الكريم، حيث يقول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).

  • الغيب النسبي

هذا النوع متعلق بالمخلوقات، حيث يعرف بعضهم علمًا بينما يظل معلومًا عن الآخرين. ما يدركه البعض قد يكون غيبًا بالنسبة للآخرين، مثل قصص الأنبياء التي جرت في الماضي، والتي تُعتبر غيبيات بالنسبة لنا، ولكنها قد لا تكون كذلك بالنسبة لهم. كما أن ما يحدث في مكان ما يُعتبر علمًا حاضريًا، ولكنه بالنسبة لشخص في مكان آخر يُعتبر غيبًا.

Scroll to Top