نسب الإمام البخاري
الإمام البُخاري هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المُغيرة الجعفي البُخاري. يُعرف بلقب أبي عبد الله، وقد أُطلق عليه لقب الجعفي لأن جده المُغيرة كان مجوسياً ثم أسلم على يد شخص يُدعى اليمان الذي كان من قبيلة جعف. وُلد الإمام البخاري عام 194 هـ (مئتين وأربعة وتسعين)، وتوفي عام 256 هـ (مئتين وستة وخمسين) عن عمرٍ يناهز الاثنتين والستين، ولم يكن له أولاد ذكور.
الإمام البُخاري يُنسب أيضاً إلى إسماعيل بن إبراهيم بن بَرْدِزبة، وهو الذي أسلم على يد المُغيرة، وبعد قدومه إلى بُخارى، انتسب إليها. يُعرف جده إبراهيم برغم عدم توافر معلومات حوله بشكل كبير، أما والده إسماعيل، فقد كان من رواة الحديث، وقد ذكره ابن حبان في كتابه المعروف بـ”الثقات”، وكان مشهوراً بحرصه على كسب المال الحلال حتى قيل إنه لم تكن في ماله شبهة من حرام. عندما توفي والده، كان الإبن محمد صغيراً.
نشأة الإمام البخاري
وُلِد الإمام البُخاري في يوم الجمعة، الثالث عشر من شهر شوال عام 194 هـ.
قام بالحج مع والدته وأخيه، وأقام في مكة المكرمة لطلب العلم. نشأ الإمام البُخاري في أسرة متدينة ومتميزة بالثراء، وكانت والدته من ذوات الكرامة والولاية. رُوي أنه فقد بصره في صغره، فدعت الله أن يُعيد له بصره، واستجاب الله لدعائها.
رحلة البخاري في طلب العلم
بدأ الإمام البُخاري رحلته في طلب العلم وهو في العاشرة من عمره، حيث سافر إلى مختلف البلدان بحثًا عن الحديث. في بداية نشأته، كان يتلقى التعليم في كُتّاب، وقد كان يُصصح لأهل الحديث وهو في الحادية عشرة من عمره. سافر إلى الشام ومصر والجزيرة العربية والبصرة والحجاز والكوفة وبغداد في سبيل طلب العلم.
تلقى الإمام البُخاري الثناء والإشادة من قبل العديد من المحدثين وأئمة الإسلام، الذين اعترفوا بفضله في علم الرجال وعلوم الحديث. قال عمرو بن علي الفلاس: “حديث لا يعرفه محمد بن إسماعيل ليس بحديث”، وأوصى إسحاق بن راهويه تلاميذه بالاستفادة من علم البخاري، بينما اعتبر علماء مكة أنه إمامهم وفقيههم.
سيرة الإمام البخاري وأخلاقه
اتسم الإمام البخاري بصفاته النبيلة، ومنها:
- جمع بين الحديث والفقه، والورع والصلاح، والعلم والعبادة؛ حيث كان كثير القراءة والصلاة.
- كان يختم القرآن في رمضان مرة كل نهار، ويعمل على ختمه في الليل كل ثلاث ليالٍ.
- إذا واجهته مشكلة أثناء الصلاة، كان لا يقطعها حتى يتمها.
- من شدة ورعه، كان يقول: “أرجو أن ألقى الله دون أن يُحاسبني على اغتيابي لأحد”.
- كان مستجاب الدعوة، وقد دعا لأن يموت عندما شعر أن الأرض ضاقت عليه، ومات بعد شهر من ذلك.
- عُرف بكرمه وإنفاقه على الفقراء والمحتاجين.
- كان عزيز النفس وعفيف اليد.
- كان حاد الحس.
- عُرف بعفته في الكلام.
- كان زاهداً.
- عمل دائماً على التعليم بالنهار.
- كان كثير التهجُد في الليل.
- اكتسب المال من خلال المضاربة بما ورثه من والده، لكي يتفرغ لدراسة الحديث والسنة.
- كان بعيداً عن حب المال.
- اتسم بالإيثار.
- تشدد في التمسك بالسنة.
- ابتعد عن مجالسة الأمراء، وقد وصفه قتيبة بن سعيد بأنه مثل عمر بن الخطاب بين الصحابة.
قوة حفظ البخاري للأحاديث
استمع إلى الأحاديث أكثر من تسعين ألف شخص، وكان يقوم بصلاة ركعتين قبل كتابة الحديث، ثم يدونه في كتابه. بلغ عدد الأحاديث في صحيح البخاري أكثر من ستة آلاف حديث. كان ذا قدرة حفظ عظيمة، حيث تم اختباره بمائة حديث مقلوب السند، فأعاده بأسانيده الصحيحة.
عُرف الإمام البُخاري بالذكاء الحاد، وقد اختبر بمئة حديث مقلوب السند وأعادها بأسانيدها الصحيحة. علق الحافظ ابن حجر على ذلك بأنه دلالة على قوة حفظه، حيث استطاع حفظ الأسانيد على الرغم من الأخطاء فيها ثم أعادها بالشكل الصحيح. وقد نال كتابه “صحيح البخاري” اهتماماً كبيراً من العلماء الذين قاموا بشرحه وتعليقه، مما يجسد مدى نجاحه، بعد اعتراف الجميع بأنه يُعتبر أصح الكتب بعد القرآن الكريم، حيث بلغ عدد الشروحات والتعليقات عليه نحو مائة وثلاثين كتاباً وأكثر.
كتاب صحيح البخاري وعناية الأمة به
من أبرز الشروحات لكتاب “صحيح البخاري” كتاب “فتح الباري” للحافظ ابن حجر العسقلاني، وكتاب “كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري” لمحمد الخضر الشنقيطي، وكتاب “عون الباري شرح التجريد الصريح” لمؤلفه صديق حسن خان، وكتاب “أعلام السنن” للخطابي. تعتبر هذه الشروحات دليلًا على الجهد الكبير الذي بذلته الأمة في خدمة كتاب “صحيح البخاري” وحرصهم على العلم والفكر، كما عكست حب الأمة لنبيها وآثاره. تبرز مؤلفات الإمام البخاري، خصوصًا الصحيح، فقهه وكفاءته في استنباط الفوائد من الأحاديث وترتيبها وفق مواضيعها.
مصنفات الإمام البخاري
بالإضافة إلى كتابه الجامع الصحيح، تشمل مؤلفات الإمام البخاري الأخرى العديد من الكتب مثل: “الأدب المفرد”، “رفع اليدين في الصلاة”، “القراءة خلف الإمام”، “التاريخ الكبير والصغير والأوسط”، “الضعفاء الصغير”، “المسنَد”، “التفسير”، “الجامع الكبير”، “خلق أفعال العباد”، “الرد على الجهمية وأصحاب التعطيل”، “بر الوالدين”، “أسماء الصحابة”، “الوحدان”، “الهبة”، “المبسوط”، “العلل”، “الكنى”، “الفوائد”، “الاعتقاد أو السنة”، “السنن في الفقه”، “أخبار الصفات”، و”قضايا الصحابة والتابعين” و”الأشربة”.
في خلاصة المقال، يُعتبر الإمام البخاري هو محمد بن إسماعيل من مدينة بُخارى، الذي بدأ مسيرته في طلب العلم في سن مبكرة، وسافر لجمع الأحاديث من جميع الأمصار. وقد جمع الأحاديث الصحيحة في كتابه “صحيح البخاري”، الذي لقي اهتمام الأمة الكبيرة من حيث الشرح والحفظ، وله مجموعة من المؤلفات الأخرى مثل “الأدب المفرد” و”خلق أفعال العباد”.