تعبير كتابي عن الأم
تفاجأ العديد من المتقدمين لوظيفة معينة خلال إحدى المقابلات بمستوى المتطلبات الخاصة بها، حيث اعتبر البعض أن هذه المتطلبات غير إنسانية، فيما وصفها آخرون بأنها غير معقولة، ووصل الأمر ببعضهم إلى اعتبارها غير قانونية. وكان الشرط الأكثر إدهاشًا هو فرض ساعات عمل غير محدودة طوال الأسبوع على مدار السنة. تتطلب هذه الوظيفة مهارات شخصية عالية، بالإضافة إلى قدرة على الإقناع والتحمل. وقد زادت حيرة المتقدمين عند اكتشافهم أنه لا يوجد أي تعويض مادي مقابل هذا العمل، على الرغم من أنه لا توجد أيضًا فترات راحة أو إجازات سنوية، حيث تتمثل المسؤولية الأساسية في توفير الراحة للمدير، حتى وإن جاء ذلك على حساب نومهم وراحتهم، مما قد يؤدي إلى إهمال علاقتهم الاجتماعية أو صحتهم. ولم يصدق المتقدمون حين علموا أن هذه الوظيفة تعود للأم، وأن هذه ‘الموظفة’ المجتهدة هي (الأم).
تعتبر الأم رمزًا للعطاء اللامحدود، والإخلاص، والتفاني. فهي لا تحمل في قلبها سوى مشاعر العطف، والحنان، والحب، وتقدم الرعاية الدائمة لأسرتها، حتى في أوقات الحاجة. تفكر الأم دائمًا في رفاهية أبنائها وزوجها، وكيف يمكن أن يساعدوا على نموهم وراحتهم وإسعادهم.
مهما كانت الكلمات التي تُستخدم لوصف الأم، فإنها ستبقى قاصرة عن التعبير الكامل عنها. فهي التي تنجب نصف المجتمع، وتعتبر نصف المجتمع الآخر، مما يعني أنها تمثل المجتمع بأسره. إن صلحت، صلح المجتمع، وإذا فسدت، فسد. لذا، تحتل الأم مكانة عظيمة في الإسلام، حيث جعل الله عز وجل رضاها من رضا. وقد ورد في القرآن الكريم: “(وقضى ربك ألا تعبد إلا إياه وبالوالدين إحسانا)” (الإسراء، آية:23)، إذ يبرز مقام الإحسان إلى الأم والأب بعد العبادة مباشرة. ومن الدروس المستفادة هنا أهمية بر الأم وحسن معاملتها بطرق مختلفة.
تُلقى على عاتق الأبناء مسؤوليات كبيرة تجاه هذه الكائن الكريم. حقها أن تطيع، وأن يُعطى لها بسخاء في أي وقت وفي أي مكان، وألا يتذمر الأبناء مما تطلبه أو تقوله. يجب على الأبناء تقدير أمهاتهم، والبر بهن عند كبرهن، والحرص على طاعتهن وإرضائهن، إلا في حالة واحدة توضحها تعاليم الله تعالى، وهي إذا دعت إلى معصية الخالق. حينها، يجب الامتناع عن الطاعة ولكن مع الالتزام بمبادئ حسن الخلق. فلا يوجد قلب يشبه قلب الأم، ولا شعور يمكن أن يتساوى مع حرصها على أبنائها.