ترتيب الأشهر الحُرُم
تتكون الأشهر الحُرُم من أربعة شهور، وقد جاء ذلك في قوله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرْضَ، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ذَلكَ الدّينُ القَيِّمُ، فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُم). كما يتمثل ترتيب هذه الأشهر بشكل متسلسل في: ذو القعدة، ذو الحجة، المُحرّم، ورجب الذي يأتي مفردًا.
فضل الأشهر الحُرُم وأسباب تسميتها
ذكرت الأشهر الحُرُم في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (الزَّمانُ قَدِ استَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللّهُ السَّماواتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثَةٌ مُتَوالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ، ذُو الحِجَّةِ، المُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ، الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ). إن سبب تسمية هذه الأشهر بالحُرُم يعود إلى تحريم القتال فيها، وقد جاء ذلك في قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ، وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ). يتناول تفسير هذه الآية أسئلة الكفار للنبي -صلى الله عليه وسلم- عن القتال في الأشهر الحُرُم، حيث أكد لهم حرمة القتال فيها، وأن كفرهم بالله ومنعهم للناس من سبيل اللّه أشد حرمة.
علاوة على ذلك، يُعتقد أن الأشهر الحُرُم تتضمن الفترات التي يُمنع فيها ظلم النفس من خلال المعاصي، كما ورد في قوله تعالى: (مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلكَ الدّينُ القَيِّمُ، فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُم)، حيث يتجلى ظلم النفس من خلال ارتكاب الذنوب.
تُعتبر الأشهر الحُرُم من أفضل الأوقات عند اللّه -عز وجل-، وقد حُرِّم القتال فيها في زمن النبي إبراهيم -عليه السلام- أيضًا. ويهدف تحريم القتال خلال هذه الأشهر إلى تسهيل أداء مناسك الحج والعمرة، حيث يُعتبر ذو القعدة زمنًا للتحضير للحج، وذو الحجة هو وقت إقامة فريضة الحج، بينما يأتي المحرم كزمن العودة بعد الحج. رجب هو شهر للاعتمار، حيث يمكن للمقيمين قرب مكة الذهاب لأداء العمرة فيه. كما توفر الأشهر الحُرُم أمانًا للمشركين، إذ يُحرم على المسلمين الاعتداء عليهم.
لذلك، يتمتع فضل الأشهر الحُرُم بمكانة كبيرة عند الله -عز وجل-، حيث ينبغي تجنب الذنوب والمعاصي فيها لأن الإثم فيها يزداد عن غيرها. وفي هذه الأشهر، يقع أحد أركان الإسلام وهو الحج، حيث كانت الأشهر الحُرُم معروفة خلال الجاهلية بالتحريم، كما أكد النبي -صلى الله عليه وسلم- على فضل الصيام فيها.
خصائص الأشهر الحرم
تتميز الأشهر الحُرُم بخصائص عديدة، منها أن الإثم فيها يكون أشد، بالإضافة إلى مضاعفة أجر الطاعات. يُعتبر الصيام في هذه الأشهر من الأمور المهمة وله فضل كبير. وقد قيل في السنة النبوية إن أفضل الصلاة بعد الفريضة هي الصلاة في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد رمضان هو صيام شهر الله المُحرّم. كما أن هذه الأشهر تشتمل على فضائل وعبادات مميزة، منها فريضة الحج، وشهر ذو الحجة الذي يتضمن الليالي العشر التي أقسم الله -عز وجل- بها في قوله: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ). تشمل هذه الأشهر أيضًا يوم عرفة، وهو من أفضل الأيام، ويتبعها عيد الأضحى الذي يُقام فيه ذبح الأضاحي.