ما هو الغيب النسبي؟
توجد تفسيرات متعددة من قبل العلماء حول مفهوم الغيب النسبي. يعتبر البعض أنه يشير إلى ما لا يمكن إدراكه بحواس الإنسان في العالم الملموس، مما يشمل كلاً من الماضي والمستقبل، حيث يُعتبر كلاهما غيبًا بالنسبة للحواس. كذلك، يمكن أن يُعتبر الحاضر غيبًا بالنسبة للشخص الذي لم يشهده.
لكن الأمور التي حضرها الإنسان وعاشها تُعتبر واضحة له، بينما يمكن أن تُعد غيبًا بالنسبة للأفراد الذين لم يتعرضوا لها أو يعرفوا بها. وبالتالي، قد يتغير اعتبار الغيب من شخص لآخر وفقًا لمعرفته أو تجربته. ففي بعض الأحيان، يكون أمر معين غيبًا لشخص ما، بينما يصبح معروفًا له في وقتٍ لاحق.
هناك من يقول أيضًا إن كل ما يغيب عن إدراكنا لكن يُدركه الآخرون يعتبر غيبًا بالنسبة لنا، بينما يمثل علمًا للآخرين. لذا، يختلف مفهوم الغيب بناءً على الأشخاص والتجارب، ومن يكتسب معرفة شيء من خلال السعي والتعلم، كالسؤال، لا يعد ذلك إشكاليًا.
من يتمتع بمعرفة الغيب النسبي؟
الغيب النسبي هو علم يُدركه الله -سبحانه وتعالى- ومن يُعلمه من عباده. فعلى سبيل المثال، قد يكون أمر ما واضحًا لبعض الناس ولكنه يظل خفيًا عن آخرين. نحن نعرف ما يخصنا وما يحيط بنا في أماكن إقامتنا، لكننا نجهل ما يجري في أماكن الغير كالبيوت أو الأسواق. بينما الله -تعالى- محيط بكل شيء وعالم بما يخبئه كل مكان.
أقسام الغيب النسبي
يمكن تقسيم الغيب النسبي إلى نوعين كما يلي:
- الغيب المقيد النسبي
وهو ما يعد غائبًا عن البعض كالأحداث التاريخية وقصص الأنبياء والأمم السابقة. هذه الأمور تعتبر غيبًا بالنسبة لمن لا يعرف بها، ومثال ذلك ما قاله الله -عز وجل- للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۖ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ).
- الغيب المقيد غير النسبي
وهو ما يغيب عن إدراك الحس نتيجةً لبعد الزمان (كالزمن المستقبل) أو المكان، حتى يتم الكشف عنه كما جاء في آيات القرآن الكريم، كما في قصة وفاة نبي الله سليمان -عليه السلام- حيث قال -تعالى-: (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ).
هل يتعارض العلم مع الغيب النسبي؟
إن ما تناوله العلماء من قصص بشأن الأمم السابقة، وكذلك ما يتنبأ به الباحثون من خلال المشاهدات العلمية، يدخل ضمن مفهوم الغيب النسبي. فالشخص الذي يتحدث في الغيب يستند إلى القوانين الإلهية في الكون، سواء كانت تتعلق بالمجتمعات البشرية أو بالظواهر الطبيعية. فإن سنة الله -عز وجل- في الكون ثابتة ولا تتغير طالما وُجدت المقتضيات اللازمة، وهذا هو المحور الذي يحثنا القرآن الكريم على اعتباره في نهاية كل سرد قصصي.