تعريف درجة الغليان
تُعرف درجة الغليان أو نقطة الغليان (بالإنجليزية: Boiling Point) بأنها الحرارة التي تتحول عندها المادة من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية. ويعتمد هذا المفهوم بشكل كبير على الضغط؛ فعند بلوغ السائل درجة الغليان، يصبح ضغط البخار الناتج متماثلاً مع الضغط الجوي المحيط به.
يجب التمييز بين الغليان والتبخر، حيث يعتبر التبخر ظاهرة سطحية تقتصر على سطح السائل، وتحدث عند أي درجة حرارة. في هذه الحالة، تبدأ جزيئات السائل الموجودة على السطح بالتبخر بسبب عدم وجود الضغط الكافي لإبقاء هذه الجزيئات في الحالة السائلة، بينما يؤثر الغليان على جميع جزيئات السائل، وليس فقط جزيئات السطح. عند بدء تحول الجزيئات إلى الحالة الغازية، تبدأ الفقاعات بالتكون.
وفي سياق الغليان، يوجد ما يُعرف بالنقطة الحرجة (Critical Point)، وهي النقطة التي تتبخر فيها جزيئات المادة بسرعة مما يؤدي إلى تساوي كثافة السائل والبخار. تُعرف درجة الحرارة المرتبطة بهذه الحالة بدرجة الحرارة الحرجة (Critical Temperature)، وتحدث عند نقطة الضغط الحرج (Critical Pressure). لذا، فإن النقطة الحرجة تمثل حالة يُعجز فيها عن التمييز بين الغاز والسائل.
عوامل تؤثر في درجة الغليان
هناك عدة عوامل تؤثر على درجة الغليان، والتي تشمل:
الضغط
يُعتبر الضغط من العوامل الأساسية المؤثرة في درجة الغليان، حيث تعتمد درجة غليان السائل بشكل عام على الضغط الجوي وضغط بخار السائل ذاته. كما ذُكر سابقاً، يبدأ الغليان عندما يتساوى الضغط الجوي مع ضغط بخار السائل.
الضغط الجوي هو الضغط الناتج عن الغاز الموجود في الجو فوق سطح السائل. يمكن فهم ذلك على أنه عندما تتجمع جزيئات الهواء، فإنها تُشكل ضغطاً على سطح السائل مما يمنع تبخره. يمتد هذا الضغط إلى جميع جزيئات السائل، مما يؤخر بدء تكوين الفقاعات والغليان. لذا، كلما زاد الضغط الجوي، زادت كمية الطاقة اللازمة للسائل ليبدأ بغليانه، وبالتالي زادت درجة الغليان. أما عند تقليل الضغط الجوي، فسيحتاج السائل إلى درجة حرارة أقل ليبدأ في التحول إلى الحالة الغازية.
يتم قياس الضغط الجوي عادةً تحت الظروف المعيارية حيث يكون الضغط يساوي 1 atm، على سبيل المثال، تكون درجة غليان المياه عادةً 100 درجة مئوية. بينما في المناطق العالية مثل جبل إيفرست، يقل الضغط الجوي، مما يؤدي إلى أن تصل درجة غليان المياه إلى 72 درجة مئوية. أما بالنسبة لضغط البخار، فهو يعتمد بشكل رئيسي على القوى التفاعلية بين جزيئات السائل.
القوى بين جزيئات السائل
تؤثر القوى بين جزيئات السائل على درجة غليانها من خلال التحكم في ضغط بخار السائل. عندما تبدأ جزيئات السائل بالتبخر وتصطدم بجزيئات الهواء فوق سطح السائل، يُنتج هذا الاصطدام ضغطاً يُعرف باسم ضغط البخار والذي يُخفف من تأثير الضغط الجوي على جزيئات السائل. وفي النهاية، تتمتع المواد بضغط بخار مختلف وبالتالي درجة غليان مختلفة، فعلى سبيل المثال، السوائل ذات ضغط البخار الأعلى يكون لها درجة غليان أقل.
تعتمد هذه القوى على نوع المجموعة الوظيفية التي تتكون منها السائل. حيث تعتبر الروابط الأيونية هي الأقوى، تليها الروابط الهيدروجينية، ثم المجموعات ثنائية القطب، وأخيراً تأتي قوى فان دير والس (Van der Waals) والتي تُعتبر الأضعف. وكلما زادت القوى بين جزيئات السائل، زادت درجة غليانه، والعكس صحيح.
الكتلة الجزيئية للسائل
تلعب الكتلة الجزيئية للسائل، أو الوزن الجزيئي (Molecular Weight)، دوراً مهماً في التأثير على درجة غليان المادة. تُعرف الكتلة الجزيئية بأنها مجموع الكتل الذرية للذرات في جزيء ما. بصفة عامة، تزداد درجة غليان المادة مع زيادة الكتلة الجزيئية؛ فعلى سبيل المثال، كلما زاد عدد ذرات الكربون في السائل، زادت درجة غليانه.
يُعتبر الضغط من أبرز العوامل المؤثرة في درجة الغليان، حيث كلما زاد الضغط الجوي، زاد ضغط البخار للسائل وبالتالي زادت درجة الغليان. بينما القوى بين جزيئات السائل، كلما زادت، تقل تصادماتها، مما يؤدي إلى انخفاض ضغط البخار وزيادة درجة الغليان. وأخيراً، فإن الكتلة الجزيئية تؤثر بشكل إيجابي على درجة الغليان.
مرحلة ما بعد الغليان
عندما تصل المادة إلى درجة الغليان، يعني ذلك أن ضغط البخار أصبح مساوياً للضغط الخارجي المحيط بها. تبدأ الفقاعات بالتكون على سطح المادة بسرعة، ويتوقف السائل عن اكتساب المزيد من الحرارة، مما يجعل درجة حرارة السائل مستقرة عند درجة غليانه حتى يتم تبخره بالكامل وتحوله إلى الحالة الغازية. على سبيل المثال، عندما يغلي الماء، يتوقف عن اكتساب الحرارة عند بلوغه 100 درجة مئوية، ويبقى عند هذه الدرجة حتى يتحول كل الماء إلى الحالة الغازية.
من المستحيل التلاعب بالعلاقة الثابتة بين درجة الحرارة وحالة المادة، إلا إذا تم زيادة ضغط بخار المادة والضغط المحيط بسطح المادة عن الضغط الجوي في الظروف المعيارية. يمكن تحقيق ذلك فقط في الأوعية المغلقة التي تتمتع بضغط جوي يختلف عن الضغط الجوي الخارجي. تُعتبر هذه الآلية مشابهة لعمل طنجرة الضغط، التي تستخدم في الطهي وتوفر وقتاً كبيراً في إعداد المواد الغذائية.
درجة الغليان لبعض المواد
فيما يلي بعض الأمثلة على درجة الغليان للمواد المختلفة:
اسم المادة | درجة الغليان |
الماء | 100 درجة مئوية |
الأسيتون | 56 درجة مئوية |
الكحول | 78.37 درجة مئوية |
النيتروجين | -195.8 درجة مئوية |
الهيليوم السائل | -269 درجة مئوية |
الكالسيوم | 1484 درجة مئوية |
الألمنيوم | 2441 درجة مئوية |
الذهب | 2800 درجة مئوية |
الحديد | 2870 درجة مئوية |
الأكسجين | -183 درجة مئوية |
الفضة | 2212 درجة مئوية |
الزنك | 910 درجة مئوية |
الزركونيوم | 4377 درجة مئوية |
الخاتمة
تُعتبر درجة الغليان هي الحرارة التي تتحول عندها المادة من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية، وهي من الأمور الحيوية في حياة البشر. فلولاها لما استطاعت المياه التبخر والتحول إلى الحالة الغازية، مما يؤدي إلى تكاثفها مرة أخرى وخلق مياه الأمطار، التي تُشكل جزءًا أساسيًا من دورة الطبيعة. تتباين درجة الغليان بين المواد المختلفة، كما تتأثر بمجموعة من العوامل مثل الضغط الخارجي، وطبيعة المادة المتمثلة بالكتلة الجزيئية والقوى بين جزيئات المادة، مما يجعل لها دورًا كبيرًا في حياتنا اليومية.