تعريف علم السمعيات في مجال التوحيد

المفاهيم السمعية

المفاهيم السمعية تعود إلى كلمة السمع؛ إذ يُفهم من السمع أنه قدرة الأذن على الاستماع. تُعتبر السمعيات من ضمن الموضوعات الأساسية في علم التوحيد، حيث تشمل الإلهيات والنبوات.

بالمعنى الاصطلاحي، يشير مصطلح السمعيات إلى كل ما تم تثبيته من خلال النصوص الشرعية؛ سواء عبر القرآن أو السنة. وهي تتعلق بمسائل وأخبار الدين التي لا تعتمد على الاجتهاد البشري، ويتوجب الإيمان بها عن طريق السمع أو الوحي، دون تدخل من العقل في إثبات أو نفي تلك الأمور.

سُميت “سمعيات” لأن الأصل في تصديقها يعتمد على السمع وهو الوحي المُسجل عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. يمكن القول إن القرآن هو نص سمعي والسنة أيضا تُعتبر سمعية. تُعرف السمعيات أيضا بالغيب، لأنها أمور تخفى عن الإنسان، ولا يوجد دليل ملموس في حياته يُثبتها بشكل قاطع سوى النصوص الشرعية. ومن المصطلحات المرتبطة بها الدليل السمعي، الدليل النقلي، الأدلة المأثورة، الأدلة الخبرية، والأدلة الشرعية.

تُقابل السمعيات المفاهيم النظرية المعتمدة على العقل. والفرق بينهما يتمثل في أن السمعيات لا تُثبت من تلقاء نفسها بل تحتاج إلى دليل يُشير إليها. وعليه، فإن الإيمان بالسمعيات واجب؛ حيث يُعتبر مَن يؤمن بوجود الله وصفاته، برسله، وبكتابه الذي أُنزِل على رسوله بناءً على أدلة قطعية، مُلزَمًا بالإيمان بما جاء في الكتاب والسنة الصحيحة وتطبيقه.

السمعيات ورؤية العقل

تتسم السمعيات بأنها لا تتطلب تدخل العقل، وليست مُتناقضة معه. شرط عدم التناقض يحتم توفر صحة الدليل النقلي وصحة الدليل العقلي، بالإضافة إلى أن يكون النقل خاليًا من العلل والشوائب، والعقل خاليًا من الشبهات والرغبات. عندئذٍ، يتعين الإيمان بالدليل النقلي والبحث عن توافق بينه وبين الدليل العقلي، حيث لا تعارض بينهما.

حتى لو لم يكن هناك دليل نقل النص على السمعيات، لما كان بالإمكان للعقل تصورها أصلاً. وحتى بعد ورود الدليل، يبقى العقل عاجزًا عن تصورها نظرًا لعدم تجربته لصور مشابهة يمكن أن يقيس عليها. تتحلى السمعيات بكونها ما يعجز العقل عن تصوره، لأنها تتجاوز قدراته الإدراكية والمعرفية، حيث لا يستطيع إدراك ثبوتها فيظل حائرًا. لكنها لا تشمل ما يُدرك العقل استحالة وجوده أو نفيه بشكل قاطع.

الإيمان بالسمعيات يعتمد على عنصرين أساسيين:

  • الإقرار بها وعدم الجحود.
  • تجنب الخوض في حقيقتها أو محاولة تصورها بالعقل بعيدًا عن النصوص المنقولة.

مجال السمعيات

تطرق الإمام البوطي لمفهوم السمعيات في كتابه “كبرى اليقينيات الكونية”، حيث تناول مضمونها كحقائق تتعلق بالموت، وأشراط الساعة، وأحداث يوم القيامة. وقد أوضحها من خلال فصول متعددة كالتالي:

  • حول حقائق تتعلق بالموت، هذا الفصل يشتمل على: ملك الموت ودوره في قبض الأرواح، سوال القبر، عذاب القبر ونعيمه، بالإضافة إلى مناقشة مسألة التناسخ، وهي الاعتقاد بأن الأرواح تتنقل بين الأجساد، وبيان بطلانه.
  • في فصل أشراط الساعة، تناول الغيبيات المرتبطة بأشراط الساعة، مثل: نزول عيسى بن مريم -عليه السلام-، ظهور يأجوج ومأجوج، بروز دابة الأرض، وشروق الشمس من مغربها.
  • في موضوع يوم القيامة وأحداثه، تحدث عن: قيام الساعة وغياب الحياة، جمع الأجساد وإعادة الأرواح، الحساب، الميزان، المرور على الصراط، الحوض، الشفاعة، والجنة والنار والخلود فيهما.
Scroll to Top