مفهوم أسلوب المدح والذم
تتميز اللغة العربية بتنوعها في الأساليب المتميزة التي تُضفي جمالًا ووضوحًا على الخطاب، ومن هذه الأساليب نجد أسلوب المدح والذم. يُستخدم أسلوب المدح للتعبير عن إعجاب الكاتب أو المتحدث بشيء ما، حيث يسعى إلى إبراز إيجابيّاته وإطرائه. في المقابل، يُستخدم أسلوب الذم للإفصاح عن استنكار الكاتب أو المتحدث لظاهرة غير مستحبة، مُعبرًا عنها بأسلوب هجائي يظهر سوءها.
عناصر أسلوب المدح والذم
يتألف أسلوب المدح والذم من ثلاثة عناصر أساسية، وهي:
- فعل المدح والذم
تشمل أفعال المدح (نِعْمَ وحبّذا) بينما تشمل أفعال الذم (بئس وساء ولا حبّذا).
- الفاعل
يمثل الفاعل في جملة المدح أو الذم، ويتخذ أشكالاً متنوعة في حالات مثل (نِعْمَ، بئس، ساء)، حيث يتطلب صورة واحدة في حالتي (حبّذا ولا حبّذا).
- المخصوص بالمدح أو الذم
وهو العنصر الذي يتلقى المدح أو الذم في الجملة.
كمثال على المدح: “نعم الخلق الأمانة”، حيث “نعم”: فعل المدح، و”الخلق”: الفاعل، بينما “الأمانة” هي المخصوص بالمدح.
أما مثال الذم فيكون: “بئس الخلق الغدر”، حيث “بئس”: فعل الذم، و”الخلق”: الفاعل، و”الغدر” هو المخصوص بالذم.
أسلوب المدح والذم مع (نِعْمَ وبئس وساء)
فعل المدح “نِعْمَ” وفعل الذم “بئس” يُعتبران أفعالاً جامدة تُعرب كفعل ماضٍ مبني على الفتح، يأتي بعدهما الفاعل.
صور الفاعل
يمكن أن يظهر الفاعل وفقًا لعدة أشكال:
- معرفة بـ (أل)
مثل: “نعم الخلق الصدق”، حيث “الخلق”: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره. ومثال آخر: “بئس الصديق الخائن”، حيث “الصديق” هو الفاعل المرفوع.
- مضاف إلى معرفة
مثل: “نعم خلق المسلم الأمانة”، و”بئس صديق المرء الكاذب”، حيث إن الكلمتين “خلق” و”صديق” فاعلان مرفوعان.
- اسم موصول (ما، مَنْ)
مثل: “نعم مَن تصاحبه الوفي”، و”ساء مَنْ تصاحبه الغدار”، حيث “مَنْ” مُعرب كفاعل مرفوع.
- ضمير مستتر
يتم أحيانًا استخدام ضمير مستتر مثل: “نعم عملًا الصدق”، و”ساء خلقًا الكذب”، حيث يُستدرك الضمير تقديرًا.
صور المخصوص بالمدح والذم
يساهم المخصوص بالمدح والذم في إعراب الجملة كمبتدأ مؤخر مرفوع، ولا يمكن تقديمه على الفاعل. يكتسب عدة أشكال:
- معرفة
مثل: “نعم العمل الخير”، حيث “الخير” مبتدأ مؤخر مرفوع.
- نكرة موصوفة
مثل: “نعم المعلمة مربية”، و”مربية” مبتدأ مؤخر مرفوع كذلك.
- نكرة مضافة
مثل: “بئس الرجل خائن الوطن”، حيث “خائن” هو المبتدأ المرفوع.
- قد يُحذف المخصوص بالمدح والذم
في حالات سابقة الإشارة ويستدل عليه من سياق الحديث، مثلاً، عند الحديث عن صلاح الدين الأيوبي، يمكن القول “نعم القائد”، فالمخصوص هنا محذوف معلوم.
أسلوب المدح والذم باستخدام (حبّذا ولا حبّذا)
يُستخدم “حبّذا” للمدح كما يُستخدم “لا حبّذا” للذم، حيث يُعرب “حبّ”: كفعل ماضٍ جامد مُعرب للمدح، بينما “لا حبّذا” يتألف من “لا” كحرف نفي و”حبّ” كفعل ماضٍ جامد مُعرب للذم. يُفهم المعنى في الجمل: “لا حبّذا الكذب” و”حبذا الرفيق المخلص”.
أمثلة على المدح والذم
- قال تعالى: “لبئس ما قدّمت لهم أنفسهم.”
هنا، “بئس” فعل ماضٍ جامد يُعرب ذمًا.
أما “ما” فهي اسم موصول، و”أنفسهم” مبتدأ مؤخر.
- قال تعالى: “فنعم المولى ونعم النصير.”
و”نعم” فعل ماضٍ جامد يُعرب للمدح، بينما “المولى” و”النصير” فاعل مرفوع.
- قال تعالى: “بئس للظالمين بدلًا.”
في هذه الحالة، “بئس” يُعرب كفعل ماضٍ جامد للذم، والفاعل ضمير مستتر.
- قال تعالى: “بئس الشراب وساءت مرتفقًا.”
تظهر هنا “بئس” كفعل ماضٍ جامد للذم، و”ساءت” أيضًا تشير إلى ذم.