التعريف الشامل لاقتصاد المعرفة

مفهوم اقتصاد المعرفة

اقتصاد المعرفة، أو ما يُعرف باللغة الإنجليزية بـ Knowledge Economy، هو نوع من الاقتصاد يعتمد على إنتاج وتبادل وتقييم المعرفة. يتميز هذا الاقتصاد بتقليل أهمية تكاليف العمالة، ويتجاوز التوجهات التقليدية للاقتصاد التي تعتمد على محدودية الموارد. يُعرف اقتصاد المعرفة بأنه يعتمد على الكمية والنوعية المتاحة من المعلومات، فضلاً عن القدرة على الوصول إليها. وتعتمد الأنظمة الاقتصادية الحديثة على استخدام رأس المال الفكري، مما جعل اقتصاد المعرفة يحتل مكانة بارزة في الأنشطة الاقتصادية للدول ذات النمو المتقدم.

تاريخ نشأة اقتصاد المعرفة

ظهر مصطلح اقتصاد المعرفة لأول مرة في خمسينيات القرن العشرين، حيث بدأ ينتشر في ظل التطورات التي شهدها قطاع الصناعة على حساب الزراعة، مما أدى إلى ظهور نموذج اقتصادي جديد في الدول المتقدمة، سُمي بمرحلة ما بعد الصناعة. استندت القطاعات الاقتصادية الحديثة إلى فكرة المعرفة، وتكنولوجيا المعلومات، مما ساهم في تعزيز التقدم في جميع مجالات النشاط البشري. لم تعد الموارد مثل النفط والذهب تحدد ساحة الصناعة التقليدية، بل أصبحت برمجة المعلومات تُعتبر عنصراً أساسياً في استراتيجية الاقتصاد الحديث.

في الاقتصادات التقليدية، يُعتبر رأس المال، والعمالة، والأرض هي العوامل الأساسية لعملية الإنتاج. بينما في اقتصاد المعرفة، يلعب الإبداع، والمعلومات، والذكاء، والمعرفة التقنية دور العوامل الأساسية. وتقدر منظمة الأمم المتحدة أن اقتصاد المعرفة يشكل 7% من الناتج الإجمالي المحلي العالمي، مع نمو سنوي يتراوح بين 10% – 50% تقريباً في الناتج القومي للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ويرجع ذلك إلى تركيز هذه الدول على تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

خصائص اقتصاد المعرفة

يتميز اقتصاد المعرفة بعدد من الخصائص الأساسية، نذكر منها:

  • تمثل المعرفة رأس المال الأساسي لهذا الاقتصاد، حيث لا تحتكر، ولا تتناقص، ولا تنفد.
  • تركز المعرفة على العولمة، والتكيف مع احتياجات العملاء، وتقديم الخدمات لهم.
  • تعتمد المعرفة على استخدام قوى عاملة قادرة على الإنتاج.
  • تعتبر الاتصالات والمعلومات الأدوات الرئيسية لتعزيز فعالية المعرفة.
  • تعمل المعرفة على زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
  • توفر المعرفة بيئة ملائمة لتحفيز الإبداع والمواهب.

أهمية اقتصاد المعرفة

برزت أهمية اقتصاد المعرفة مع تحول التركيز من الموارد ورأس المال نحو استخدام تقنيات المعلومات، مما ساعد الدول النامية على التحول إلى دول متقدمة. وقد أثر هذا التحول على التجارة الدولية، كما سهل الاستثمار في مجالات التكنولوجيا والابتكار وطور الاقتصاد. نستعرض بعض النقاط الرئيسية التي تبين أهمية اقتصاد المعرفة:

  • تعتبر المعرفة مصدراً علمياً، وتلعب دوراً أساسياً في إنتاج وتعزيز الثروة.
  • تساهم المعرفة في زيادة الإنتاجية، وتحسين الأداء، وخفض تكاليف الإنتاج، من خلال استخدام الأساليب والتقنيات الحديثة.
  • تقدم المعرفة دعماً للدخل القومي عبر إنشاء المشاريع وتحقيق العوائد المالية، مما يسهم في توليد الدخل الشخصي من الأنشطة المتعلقة بالمعرفة.
  • توفر المعرفة فرص عمل متنوعة في مجالات مهنية تطبق تقنيات تكنولوجية متقدمة، مما يقلل من معدلات البطالة.
  • تسهم المعرفة في تحديث وتطوير الأنشطة الاقتصادية، مما يعزز النمو الاقتصادي بشكل سريع.
  • تشكل المعرفة دعامة رئيسية لتوسيع الاستثمار، خاصة في المجالات العلمية والعملية، وتساعد في تكوين رأس المال المعرفي.
  • تقلل المعرفة من استخدام الموارد الطبيعية، مما يجعل النشاط الاقتصادي أقل تأثراً بالمحددات الناتجة عن النقص في الموارد.
  • تساهم المعرفة في إعادة هيكلة الاقتصاد، من خلال تعزيز الإنتاج المعرفي المباشر وغير المباشر، وزيادة الاستثمارات في مجال المعرفة.

متطلبات اقتصاد المعرفة

يتطلب اقتصاد المعرفة مجموعة من المتطلبات الأساسية لضمان استمراريته وتطوره، ونذكر منها:

  • توفير بنية تحتية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لبناء مجتمع معلوماتي.
  • تطوير القوانين لتتوافق مع احتياجات اقتصاد المعرفة.
  • تأسيس رأس المال البشري وتعزيزه، من خلال توفير بيئة معرفية تشجع على الإبداع.
  • نشر الوعي حول أهمية اقتصاد المعرفة بين المنشآت والمستثمرين.
  • تيسير الحصول على المعرفة المستوردة والبحث عن المعرفة الغير متاحة محلياً.
  • إنشاء نظام فعال لتكنولوجيا العلم.
  • تشجيع الثقافة الاجتماعية التي تحفز الابتكار والإبداع من خلال بيئة تفاعلية تدعم إنتاج المعرفة.

مؤشرات الاقتصاد المعرفي

توجد عدة مؤشرات ترتبط باقتصاد المعرفة تُستخدم لتقييم المستوى الاقتصادي للدول وتمكينها من مقارنة أدائها. ومن المؤشرات الرئيسية المستخدمة في قياس المعرفة تشمل:

  • نسبة المعرفة ضمن أسعار الخدمات والسلع.
  • معدل تجارة المعرفة في الميزان التجاري لكل دولة.
  • المؤشرات المتعلقة بمدى توجه المجتمع نحو استخدام المعلومات، مثل البنية التحتية للاتصالات مثل الإنترنت والهواتف والمحتوى الرقمي.
  • عدد حقوق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع المسجلة.
  • عدد سنوات التدريب والدراسة المرتبطة بالمرحلة العمرية للأفراد.
  • معدل الإنفاق على البحث والتطوير من الناتج المحلي الإجمالي.
Scroll to Top