فترة الخلافة التي تولى فيها عمر بن الخطاب

خلال فترة خلافة عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-، نهدف من خلال هذا المقال إلى استكشاف واقع خدمات الرعاية الاجتماعية وكيفية تطبيقها من خلال الإجراءات والفئات المستفيدة من هذه الرعاية.

تتميز خلافة عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- بكونها دولة ذات مؤسسات متقدمة ومجتمع يتحلى بحضارة تعترف بكرامة الإنسان وحقوقه. تابع المزيد!

خلافة عمر بن الخطاب

تاريخيًا، كانت الرفاهية الاجتماعية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالنظام السائد في المجتمعات البشرية.

لقد كانت المجتمعات تمارس دورها في الرعاية الاجتماعية بطرق متعددة تتوافق مع واقعها الحضاري والثقافي.

في الوقت المعاصر، ترتبط فلسفة الرفاهية الاجتماعية بفكرة حقوق الإنسان وضرورة تلبية الاحتياجات النفسية والاجتماعية.

رغم أن مبادئ الرفاهية الاجتماعية تتشابه في جوهرها بين الأمم المختلفة، إلا أنها تنطلق من مفهوم مسؤولية المجتمع تجاه الأفراد.

بالإضافة إلى ذلك، فإن مفهوم الكرامة الإنسانية يساهم في تعزيز التكيف بين الأفراد أو الجماعات وبيئاتهم الاجتماعية، مما يمكنهم من أداء أدوارهم بشكل أفضل.

تتعلق تنمية الدولة بدورها في الرعاية الاجتماعية من خلال التزامها بتلبية احتياجات المواطنين ومواجهة التغيرات الاجتماعية.

يعتبر المفهوم المؤسسي الحديث للرعاية الاجتماعية نظامًا اجتماعيًا يمارسه المجتمع لتحسين مستوى الأفراد والجماعات اجتماعيًا.

يمكن توسيع مفهوم الرفاهية الاجتماعية ليشمل جميع ما يحتاجه الإنسان لتحقيق حياة أفضل.

يرجع الحديث عن الرعاية الاجتماعية في عهد عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- إلى الأحداث الغزيرة التي شهدتها تلك الفترة من تاريخ الدولة الإسلامية.

برغم قصر فترة حكمه، فإن خلافة عمر- رضي الله عنه- تركت أثرًا مهمًا في تشكيل الدولة الإسلامية.

كان القائد الأول الذي أسس مفهوم الدواوين كوسيلة لتنظيم عمل الدولة.

مصلحة المواطنين والعدالة الاجتماعية

اتبع عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- نظام الإدارة المركزية في الحكم، حيث كان يتولى بنفسه معالجة العديد من القضايا التي تهم الناس في حياتهم اليومية.

كان يقوم بزيارات تفقدية لتفقد أحوال المسلمين، والتأكد من تلبية احتياجاتهم، حيث كان يساعد المحتاجين (الطبري، 1977، ج 4، ص 204).

أبدى عمر حرصه على التزام الناس بالقيم الاجتماعية، حيث كان يتفقد الأسواق ويعاقب المخالفين.

من جانب آخر، سعى للحفاظ على الحقوق العامة للمسلمين ومنع أي عوائق تعرقل حركة الناس والدواب.

كمثال، أصدر أوامر بتدمير ما بنى أبو سفيان على الطريق إذا كان يعيق الحركة (ابن شبعا، 1996، ج 1، ص 363).

كما سعى عمر لتسهيل العبادة في المساجد، وأمر بإضاءتها خلال شهر رمضان (ابن عساكر، 1996، ج 44، ص 280).

كذلك، عمل على نشر المحبة والرحمة بين الناس وضمان العدالة الاجتماعية للجميع.

إذا لاحظ عمر تقصير أحد موظفيه في زيارة المرضى أو الضعفاء، كان يتخذ قرار إقالته على الفور (أبو يوسف، 117).

الرعاية الاجتماعية للمرأة

في زمن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- كانت المرأة تحظى بتقدير كبير لدورها الفاعل في المجتمع.

قدّم لها راتبًا أو منحة مستقلة عن زوجها (أبو يوسف، ص 44-45)، بل وخصص لها عطورًا مثل المسك كعلامة على تقديره لها (مالك، 1994، ج 1، ص 516).

عمل عمر على حماية المجتمع من أسباب الانحراف الأخلاقي والسلوكي، ولم يتجاهل أي مشكلة اجتماعية قد تضر بتماسكه.

أثناء جولات التفقد، سمع امرأة تشكو من غياب زوجها بسبب الفتوحات، فجاءت فكرة تنظيم مدة الغياب، حيث استشار ابنته حفصة حول المدة الممكنة لمغادرة الزوجة، وقد اقترحت ستة أشهر (ابن شيبا، 1996، ج 1، ص 402-403).

بناءً على ذلك، أصدر عمر قرارًا بتحديد مدة الغياب العسكري بستة أشهر (السناني، 1970، ج 7، ص 152).

الرعاية الاجتماعية للأطفال والأيتام

في عهد عمر- رضي الله عنه- كانت الدولة تحرص على تقديم رعاية شاملة للأيتام.

خصص يومًا أسبوعيًا للنظر في شؤونهم المالية (الصنعاني، 1970، ج 2، ص 349)، كما قام بتسويق محصيلهم من الخضار والفواكه (الصنعاني، 1970، ج 8، ص 66).

اتجه كذلك لتوظيف أموالهم من خلال مشاركتها في التجارة (ابن أبي شيبة، 2006، ج 11، ص 161).

شجّع الناس على التجارة لأموال الأيتام لزيادة قيمتها، مؤكدًا على خطورة تركها تحت رحمة الصدقات (الصنعاني، 1970، ج 8، ص 68).

هذا النهج يعكس روح المساعدة وضرورة تعزيز أموال الأيتام، بدلاً من تجميدها.

تابع معنا: 

العناية بالفقراء والغارمين

لم يكتفِ عمر- رضي الله عنه- بالاهتمام بفئة واحدة من المجتمع، بل سعى لرفعة مستوى المعيشة للفقراء وذوي الاحتياجات الاقتصادية.

قدم مساعدات كاملة لأسر معينة لمنعهم من الحاجة والطلب (أبو يوسف، ص 81).

حرص على توزيع الزكاة بدايةً على الفقراء والمعوزين، مؤكدًا على ضرورة تلبية حاجاتهم من المأكولات والماشية (الصنعاني، 1970، ج 4، ص 16-17).

سعَى أيضًا لتوفير السلع بأسعار مناسبة ومنع الاحتكار الذي يضر بالمستهلكين، قائلًا: “لاَ حُكْرَةَ فِي سُوقِنَا” (الصنعاني، 1970، ج 8، ص 206).

استمر في متابعة هذه المسائل: 

Scroll to Top