ما هو تعريف المسرح الكوميدي؟
المسرح الكوميدي، المعروف أيضًا بالملهاة، هو نوع من الدراما التي تعكس حياة الناس العاديين، حيث يتم تقديم تفاصيل حياتهم بتناقضاتها بطريقة مسلية ومضحكة. تتسم لغة المسرح الكوميدي بالبساطة، وغالبًا ما تُكتب باللهجة المحلية لتكون أقرب للجمهور.
تسخر هذه النوعية من الكوميديا من تفاصيل الحياة اليومية للبسطاء، وتسلط الضوء على تصرفات الأغنياء، وتنتهي عادةً بانتصار الخير على الشر أو بربط الحب، في حين يمثل المسرح الكوميدي قصصًا حوارية تُعرض على خشبة المسرح، ويستند مضمونها إلى حياة البسطاء بأسلوب لطيف.
تاريخ المسرح الكوميدي
مر المسرح بمرحلة من التطور قبل أن يصل إلى شكله الحالي، حيث بدأ بالرقص والموسيقى خلال الاحتفالات الدينية، تدريجيًا تطورت هذه الفنون حتى أصبحت المسرحيات كما نعرفها اليوم، وفقًا للخطوات التالية:
المسرحية الإغريقية
تعود جذور المسرحية في شكلها الحالي إلى المسرحيات اليونانية التي ظهرت في “أثينا” عام “532 ق. م” خلال مسابقات المأساة التي كانت تقام تكريمًا للإله “ديونيسوس”.
ومن تلك الاحتفالات الشهيرة كانت حفلات الديونوسيا، حيث بدأت أولى المسرحيات. كانت هذه المسرحيات تتضمن حوارات موسيقية وترقص الشخصيات، وكان الدافع وراء إنشائها دينيًا. من أبرز كتاب المسرح الإغريقي: إيسخلوس، ويوريبيدس، وآريستوفانس.
المسرحية الرومانية
لم تعرف الرومان المسرحيات إلا بعد أن تأثروا بالفن المسرحي الإغريقي، فقاموا بإنشاء أعمال درامية تتضمن المأساة والملهاة مع الاحتفاظ ببعض الخصائص الأصلية. لكنهم أبدوا قلة اهتمام بالمأساة مقارنة باليونانيين، وبرزت كتاباتهم حوالي منتصف القرن الثالث قبل الميلاد، ومن أبرز الكتاب الرومانيين: بلوتس، وتيرينس، وسنيكا.
المسرحية في العصور الوسطى
في فترة القرون الوسطى، استوحت المسرحيات من الكتاب المقدس، حيث عُرضت قصص حياة شخصيات دينية مثل المسيح وآدم. وكانت مسرحية الأسرار من أبرز الأعمال في ذلك الوقت، حيث ركزت على الصراع بين الرذائل والفضائل. ومع قدوم شكسبير، تداخلت المأساة بالملهاة، مما أضاف أبعادًا جديدة للمسرح.
المسرحية الكلاسيكية
برز هذا الاتجاه في أوروبا خلال القرن الخامس عشر، حيث دعا إلى إحياء التقاليد المسرحية اليونانية والرومانية، مع التركيز على أفكار أرسطو المتعلقة بوحدات الزمان والمكان والحدث. وتم تحرير المسرح من تأثير الكنيسة، وتم توجيهه نحو مواضيع اجتماعية وإنسانية.
المسرحية الرومانسية
ترتبط الرومانسية بفيكتور هوجو، الذي دعا إلى التحرر من القيود التي وضعتها الكلاسيكية، حيث رفض المواد الثلاثية ونادى بمزج المأساة مع الكوميديا.
المسرحية الواقعية
تعتمد الواقعية على محاربة المثالية وتقديم الواقع كمادة أعمالها، موجهة بذلك المسرح بعيدًا عن تقسيمه إلى مأساة وملهاة.
المسرح الكوميدي في العالم العربي
كان الفنان المسرحي مارون نقاش من أوائل العرب الذين أخذوا الفن المسرحي من الغرب، حيث استلهم من مسرحية المارسي “البخيل” لموليير وأنشأ عددًا من المسرحيات الغنائية الكوميدية، مثل “أبو الحسن المغفل”.
ثم سعى أبو خليل القباني إلى تقديم أعمال قريبة من الشعب، مثل “ألف ليلة وليلة” وعرضها في دمشق قبل أن ينتقل إلى مصر. في عصر الخديوي إسماعيل، تم إنشاء أول دار للأوبرا وعُرضت عليها أوبرا “عايدة” باللغة الفرنسية.
شهدت مصر ظهور أول رواد المسرح مثل يعقوب صنوع، الذي أسس اتجاهًا نقديًا اجتماعيًا، وتوالت موجات جديدة من الإنتاج المسرحي بعد الحرب العالمية الأولى، مع تركيز على القضايا الاجتماعية. ومن الأسماء التي أثرت في هذا المجال محمد ومحمود تيمور، بالإضافة إلى أحمد شوقي الذي كتب مجموعة من المسرحيات الشعرية.
أنواع المسرح الكوميدي
ينقسم المسرح الكوميدي إلى ثلاثة أنواع رئيسية:
كوميديا الأخلاق
تتناول القضايا المعاصرة بأسلوب ساخر، مع التركيز على الأخلاق والقيم، وغالبًا ما تتميز حواراتها بالذكاء، كما نجد في أعمال جورج برنارد شو.
الكوميديا الرومانسية
هذا النوع مرتبط بالرواية، حيث يتناول قضايا غير مألوفة للناس ويعالجها بلطف كما يتجلى في مسرحيات شكسبير.
كوميديا الفارص
تقوم هذه المسرحية أساسًا على التسلية وإحداث الضحك، متجاهلة عناصر البناء الدرامي، مما قد يُعتبر نوعًا أدنى من الملهاة التقليدية.
أبرز الآراء النقدية حول المسرح الكوميدي
يمكن تلخيص بعض الآراء النقدية حول المسرح الكوميدي كما يلي:
- رأي آن أوبسفريد
تعتبر الكوميديا فنّ المفارقة، حيث تجمع بين الإنتاج الأدبي والعرض الملموس، مما يجعله فنًا خالدًا وقابلًا للتجديد.
- رأي توفيق الحكيم
يعتبر المسرح نوعًا دقيقًا من الأدب يتطلب قيودًا كبيرة، مما يحد من حرية العمل الإبداعي.
نماذج من المسرح الكوميدي
فيما يلي أبرز نماذج المسرح الكوميدي:
- مسرحية “جعجعة بدون طحن” لوليام شكسبير
كتبت بين عامي 1598م و1599م، تدور حول زوجين من العشاق وعلاقتهما المتوترة.
- مسرحية “كما تشاء” لوليام شكسبير
مسرحية تؤرخ رحلة سفر ابنة عم مع صديقها هربًا من اضطهاد ابن عمها وتسافر إلى غابات بعيدة.
- مسرحية “البخيل” لموليير
أُعرضت لأول مرة في باريس عام 1665م، وتدور حول شخصية أسطورية تسلط الضوء على جوانب معينة من الحياة الإسبانية.