تاريخ الحجر الأسود: أهميته ومكانته في الإسلام

الحجر الأسود

تعود أهمية الحجر الأسود والتعظيم الذي يحيط به من قبل المسلمين إلى سببين رئيسيين؛ الأول هو التقليد والاقتداء بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كان يقبله. كما يُروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال عند قبوله للحجر الأسود: “إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبّلتك”. أما السبب الثاني فيتعلق بكون الحجر الأسود هو حجر نزل من السماء، حيث أراد سيدنا إبراهيم عليه السلام تمييز الركن الذي يبدأ منه الطواف حول الكعبة بعد إتمام بنائها، فطلب من ابنه إسماعيل البحث عن حجر يستثنيه عن الحجارة المحيطة بمكة. ورغم بحث إسماعيل المستمر، لم يتمكن من العثور عليه، ليخبره إبراهيم عليه السلام بأنه قد جاءه جبريل بالحجر.

تاريخ الحجر الأسود

مرت على الحجر الأسود الكثير من الأحداث التاريخية منذ أن أُسس الكعبة على يد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام. وفيما يلي بعض هذه الأحداث:

  • عصر الجاهلية: شهدت هذه الفترة صراعًا بين الجراهمة وقبيلة خزاعة، أسفر عن طرد الجراهمة من مكة. حيث قام عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي بدفن الحجر الأسود في زمزم، لكن إحدى نساء خزاعة رصدت ذلك وأخبرت قومها، ليتم استخراج الحجر وإعادته لمكانه. كما شهدت الجاهلية دفاع القرشيين، بما في ذلك خويلد، أبو خديجة رضي الله عنها، عن الحجر الأسود عندما أراد “تبع” نقله لليمن.
  • بعد ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم: في شبابه، تعرضت الكعبة لحريق أدى لخشية قريش من انهيارها، فبدأوا بإعادة بنائها، حيث عُين الوليد بن المغيرة قائدًا للمشروع. وقد شارك النبي صلى الله عليه وسلم في نقل الحجارة، وعند الانتهاء، اختلفت القبائل حول مكان الحجر الأسود، ليتولّى رسول الله الحكم بينهم.
  • العام الرابع والستون للهجرة: استمر الحجر الأسود بدون تغيير حتى ربطه عبد الله بن الزبير بالفضة، بعد أن تعرض لتصدع بسبب قصف الكعبة بالمنجنيق خلال النزاع بين يزيد وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما.
  • العصر العباسي: تم تنقيب الحجر الأسود باستخدام الماس، وإعادة الفضة عليه بأمر من الخليفة العباسي هارون الرشيد.
  • عام 317 للهجرة: شهدت هذه السنة حدثًا خطيرًا عندما غزت فرقة تدعى القرامطة مكة، ونجح زعيمهم أبو طاهر القرمطي في الاستيلاء على الحجر الأسود. ورغم محاولاتهم لنقل الحجر لأماكن أخرى، إلا أنهم أعادوه في النهاية إلى مكّة بعد أن بقي بحوزتهم لمدة اثنتين وعشرين سنة.

الجاسوس الذي أسلم بسبب الحجر الأسود

عندما علم المستشرقون أن المسلمين يؤمنون بأن الحجر الأسود نزل من السماء، سعى أحدهم لإثبات أن الحجر هو مجرد حجر بازلتي. فقام بتعلم اللغة العربية في المغرب، ثم توجه لمصر قبل أن يتوجه إلى مكة. بعد تأثير حسن معاملة الحجاج له وزيارته للمسجد النبوي والكعبة، دخل الكعبة ليلاً وسرق قطعة من الحجر الأسود الذي تكسّر إلى أربعة عشر جزءًا أثناء النقل. بعد عودته لبلاده، وضع تلك القطعة في متحف التاريخ الطبيعي بلندن، لتظهر التحليلات أن الحجر نيزكي خاص. وعندما اكتشف ذلك، تأثر بشدة وأعلن إسلامه، وسجل تجربته في كتاب بعنوان “رحلة إلى مكة”.

Scroll to Top