تعريف الاستثناء المفرغ
يُعرف الاستثناء المفرغ في علم النحو بأنه الإسناد الذي يتم فيه حذف المستثنى منه، مع أن يسبقه نفي، أو استفهام، أو نهي. وفي هذه الحالة، يُعرب ما يلي “إلا” وفقًا لموقعه ضمن الجملة، حيث يعمل ما يأتي قبل “إلا” في ما بعدها. سُمي هذا النوع من الاستثناء “مفرغًا” لأن العنصر السابق لـ “إلا” لا يكون مشغولًا بأي شيء عن أداء عمله في الجزء التالي. على سبيل المثال، في جملة “ما قام إلا زيد”، يُعرب “زيد” فاعلاً مرفوعًا. كما ورد في قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ}.
قواعد الاستثناء المفرغ
يتضمن الاستثناء المفرغ عدة قواعد تنظم وتحدد خصائصه وفقًا لحالاته المختلفة، ومنها:
- ضرورة أن يسبق الاستثناء بنفي أو ما يشابهه: الاستثناء المفرغ يتطلب أن يسبقه نفي أو ما يشابه ذلك، كما يظهر في قول الله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَٰذَا ۙ إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}.
- ضرورة أن يسبق الاستثناء باستفهام: يمكن أن يكون الاستثناء المفرغ مسبوقًا باستفهام يحمل دلالة النفي، كما في قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ}.
- وجوب وجود نفي معنوي: يشترط أن يحتوي الكلام على نفي، على الرغم من عدم كونها نفيًا مباشرًا، كما ورد في قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}.
- وجوب إعراب “إلّا” كأداة حصر: تستخدم “إلّا” لتأكيد القصر، لذا يمكن اعتبار وجودها وعدمه سواء، فهي تُهمل في هذا السياق وتعتبر أداة حصر.
- ضرورة إعراب الاسم الذي يلي “إلّا” وفقًا لما قبلها: الاسم الذي يأتي بعد “إلّا” يُعرب بحسب العامل الذي قبلها. على سبيل المثال، في جملة “ما قام إلا زيدٌ”، يُعرب “زيد” فاعلًا للفعل “قام”.
كيفية إعراب الاستثناء المفرغ
يمكن تصنيف إعراب الاستثناء المفرغ إلى ثلاث حالات بناءً على نوع الأداة المستخدمة:
- الأداة “إلّا”: إذا كانت الأداة “إلّا”، فإنها تُعرب كأداة حصر، وما بعدها يُعرب وفقًا لموقعه في التركيب اللغوي، ويُعتبر وجود “إلّا” كتفصيل غير موجود. مثال: في قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَٰذَا ۙ إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} يُعرب كالتالي:
- إن: نافية.
- هذا: اسم إشارة مبني في محل رفع مبتدأ.
- إلّا: أداة حصر.
- أساطير: خبر لاسم الإشارة “هذا” مرفوع، علامة رفعه الضمة الظاهرة.
- الأولين: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء لأنّه جمع مذكر سالم، والنون تعوض عن التنوين في الاسم المفرد.
- الأداة “غير”: في حال استخدام “غير” كأداة استثناء، يتم إعرابها بنفس طريقة إعراب الاسم بعد “إلّا”، ويُعرب ما بعدها مضافًا إليه مجرورًا، كما في جملة “ما جاء غيرُ محمدٍ”، ويكون الإعراب كالتالي:
- ما: نافية لا عمل لها.
- جاء: فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة.
- غيرُ: فاعل مرفوع، علامة رفعه الضمة.
- محمدٍ: مضاف إليه مجرور، علامة جره الكسرة الظاهرة.
- الأداة “سوى”: عند استخدام “سوى”، تُعرب كـ”غير”، وتعامل مثل “إلّا”. فإذا قلنا: “ما فازَ سوى المجتهدِ”، فإنه يكون الإعراب كما يلي:
- ما: نافية لا عمل لها.
- فازَ: فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة.
- سوى: فاعل مرفوع، علامة رفعه الضمة المقدرة.
- المجتهدِ: مضاف إليه مجرور، علامة جره الكسرة الظاهرة.
تدريبات على الاستثناء المفرغ
فيما يلي بعض التدريبات لتعزيز فهم قواعد الاستثناء المفرغ:
التدريب الأول: استخراج أركان الاستثناء
حدد أركان الاستثناء في الجمل التالية:
- ما جاء إلّا عليٌّ: الأداة هنا هي “إلّا” التي تعتبر أداة حصر، بينما المستثنى هو “علي”، والمستثنى منه محذوف نظرًا لكون الاستثناء مفرغًا.
- ما محمدٌ إلّا كريم: الأداة هي “إلّا”، وهي تدخل مادة الحصر، والمستثنى هنا هو “كريم”.
- وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ: الأداة هنا هي “إلّا” التي تدل على القصر، والمستثنى هو “ما” المصدرية.
- هل يندم إلا المجرمون: الأداة هنا هي “إلّا”، والمستثنى هو “المجرمون”.
- لا تقولوا إلّا الحق: الأداة هي “إلّا”، والمستثنى هنا هو “الحق”.
- لا يخاف سوى المذنبين: تتواجد الأداة “سوى”، والمستثنى هو “المذنبين”.
- لا ينجح غير المجتهدين: الأداة هي “غير”، والمستثنى هو “المجتهدين”، بينما المستثنى منه هو “غالب”.
التدريب الثاني: إعراب الاستثناء المفرغ
حدد مواطن الاستثناء في الأمثلة التالية ثم أعرب أداة الاستثناء وما يليها:
- لا تأكلوا إلّا الطيبَ من الطعام: الأداة هنا هي “إلّا” التي تُعتبر أداة حصر، وتكون إعرابها كالتالي:
- إلّا: أداة حصر.
- الطيبَ: مفعول به منصوب، علامة نصبه الفتحة الظاهرة.
- لم أرَ غيرَ الطلابِ المجتهدين: الأداة هنا هي “غير”، ويكون إعرابها كالتالي:
- غيرَ: مفعول به منصوب، علامة نصبه الفتحة الظاهرة.
- الطلابِ: مضاف إليه مجرور، علامة جره الكسرة الظاهرة.
- المجتهدين: صفة للطلاب، تعرب مجرورة، وعلامة جرجها الياء، لأنها جمع مذكر سالم.