الذكاء العاطفي
تبين من خلال ملاحظات بعض علماء النفس أن سعادة الفرد ونجاحه في حياته لا يعتمد فقط على الذكاء العقلي، بل أيضاً على مهاراته وخصائصه المعروفة باسم الذكاء العاطفي. وقد بدأ العلماء في إجراء مجموعة من الدراسات التي تهدف إلى استغلال هذا النوع من الذكاء لفهم شخصية الإنسان، وزيادة إنتاجيته، وتعزيز قدراته الإبداعية والتعليمية، بهدف تطوير قواعد تساعد الأفراد على التكيف داخل مجتمعاتهم.
ما هو الذكاء العاطفي؟
يمكن تعريف الذكاء العاطفي على أنه قدرة الفرد على التعرف على مشاعره وإدارتها، بالإضافة إلى مشاعر الآخرين من حوله. وقد تم تحديد ثلاث مهارات رئيسية تتعلق بالذكاء العاطفي: الأولى هي إدارة العواطف، والتي تشمل القدرة على تشجيع الآخرين أو تهدئتهم، بالإضافة إلى تطوير المشاعر الشخصية. المهارة الثانية هي الوعي بالمشاعر، بينما تتعلق المهارة الثالثة بتطبيق المشاعر في المهام المختلفة، سواء كانت مرتبطة بحل المشكلات أو بتوجهات التفكير.
هناك العديد من التعريفات المقدمة من باحثين مختلفين والتي توضح الذكاء العاطفي، مثل:
- عرف ماير وسالوفي الذكاء العاطفي بأنه قدرة الفرد على إدراك المعاني المرتبطة بالعواطف والقدرة على حل المشكلات بناءً على ذلك، بالإضافة إلى فهم المشاعر والتحكم فيها لضبط الانفعالات.
- قال الباحث أبراهام إن الذكاء العاطفي يتضمن استخدام المعرفة العاطفية لحل المشكلات من خلال الانفعالات الإيجابية، مؤكداً على أنه مجموعة من المهارات الدقيقة لتعديل المشاعر الشخصية وفهم المشاعر لدى الآخرين لتحقيق النجاح والدافعية.
- حدد الباحثان فاروق السيد عثمان ومحمد عبد السميع رزق الذكاء العاطفي كقدرة الفرد على الفهم الجيد لمشاعره الشخصية وتنظيمها لمراقبة مشاعر الآخرين بشكل دقيق، مما يساعده على تحسين علاقاته وتحقيق تقدم عاطفي وعقلي ومهني.
- شرح كامبر الذكاء العاطفي على أنه مجموعة من القدرات تختلف عن الذكاء الأكاديمي، ولكنها تكمل تلك القدرات المعرفية.
علامات الذكاء العاطفي
تظهر علامات الذكاء العاطفي بعدة أشكال، أبرزها:
- التفكير في المشاعر: يبدأ الذكاء العاطفي بالوعي الذاتي والاجتماعي، ويتطلب القدرة على التعرف على العواطف وتأثيرها على الفرد ومن حوله.
- التفكر قبل الفعل: من الضروري التوقف للتفكير قبل اتخاذ القرارات أو التحدث مع الآخرين، مما يساعد على تجنب الإحراج ويمنع اتخاذ قرارات قائمة على مشاعر عابرة.
- القدرة على السيطرة على الأفكار: قد يكون التحكم في الأفكار والعواطف تحديًا، لكن يجب على الأفراد توجيه أفكارهم للقدرة على إدارة ردود أفعالهم بما يتماشى مع قيمهم وأهدافهم.
- الاستفادة من النقد: ينبغي اعتباره فرصة للتعلم حتى إذا تم تقديمه بطرق غير مثالية، كما يجب استغلال النقد غير الموضوعي لفهم كيفية تفكير الآخرين.
- الأصالة: تعني أن يكون الفرد صادقًا فيما يقول ويظل متمسكًا بمبادئه وقيمه.
- إظهار التعاطف: يتطلب التعاطف فهم مشاعر وأفكار الآخرين، مما يساهم في تحسين التواصل ويبني علاقات أعمق، رغم أنه لا يعني بالضرورة الاتفاق مع وجهات نظرهم.
- مدح الآخرين: يشعر الناس بالحاجة إلى التقدير، مما يساعد على بناء الثقة ويحفزهم على تحسين أنفسهم.
- تقديم ردود فعل بناءة: من المهم تقديم ردود فعل مفيدة للآخرين، بدلاً من ردود فعل سلبية تؤذي مشاعرهم.
- الاعتذار: يشير الاعتذار إلى التواضع ويتطلب شجاعة، مما يدل على أن الفرد يقدر علاقته بالآخرين أكثر من نفسه.
- المغفرة والنسيان: عندما يغفر الشخص أخطاء الآخرين ويتركها وراءه، يعني ذلك أنه قادر على المضي قدمًا في حياته دون أن يكون عبئًا على تلك الأمور.
- الالتزام بالوعود: الالتزام بكلمة الشخص، سواء في الأمور الكبيرة أو الصغيرة، يعكس سمعة قوية وموثوقة.
- مساعدة الآخرين: تعتبر مساعدة الآخرين من الطرق الفعالة لإحداث تأثير إيجابي، مما يلهم الأشخاص ويساعد على بناء الثقة بينهم.
أهمية الذكاء العاطفي
تؤثر مستويات الذكاء العاطفي على العديد من الجوانب، بما في ذلك:
الذكاء العاطفي في بيئة العمل
يعتبر الذكاء العاطفي من العناصر المهمة في مكان العمل، فإذا تواجد فإنه يمكن أن يساهم في الربط بين عناصر النجاح. حيث يساعد الذكاء العاطفي في تقليل الحاجة إلى تدريبات مكثفة للموظفين، مما يسهم في زيادة العائدات. وأظهرت الأبحاث أن الأشخاص ذوي النسب العالية من الذكاء العاطفي يميلون إلى تحقيق أداء أفضل مقارنة بغيرهم من الأفراد الذين يملكون نسبا منخفضة.
كما يُشدد على ضرورة التخلص من المشاعر السلبية للحفاظ على الصحة والسعادة. فالأشخاص الذين يتمتعون بالسعادة يميلون إلى تجنب مشاعر الندم أو الغضب أو القلق من إضاعة الوقت، حيث أن وجود مشاعر سلبية يؤثر سلبًا على أداء الفرد الذاتي وقدرته على الإنجاز.
الذكاء العاطفي في العلاقات الزوجية
لقد تم اكتشاف عدد من الجوانب المتعلقة بالاستجابات العاطفية والنفسية، والتي تؤثر بشكل مباشر على جودة العلاقات الزوجية. وقد أظهر الباحثون المتخصصون في العلاقات أن الأزواج الذين يتمتعون بقدرات تنظيم وتعبير دقيق للعواطف والانفعالات يتمتعون بعلاقات زوجية أكثر سعادة.
الذكاء العاطفي بين الرجال والنساء
تظهر الدراسات وجود اختلافات ذات دلالة بين الجنسين فيما يتعلق بمستويات الذكاء العاطفي. يُعتقد أن النساء يتمتعن بمستوى أعلى من الذكاء العاطفي مقارنة بالرجال، ويرجع ذلك إلى أن المناطق المسؤولة عن الذكاء العاطفي في الدماغ لدى النساء تتطور بشكل أكبر. في المقابل، يتميز الرجال بكفاءتهم في مراقبة الذات والاستقلالية ومرونة التعامل مع الضغوط، بينما تتفوق النساء في التعاطف والمهارات الاجتماعية وإدارة الانفعالات.
فيديو حول الذكاء العاطفي
يمكنك مشاهدة الفيديو أدناه لتتعرف أكثر على مفهوم الذكاء العاطفي: