تفسير آيات سورة الحجر في القرآن الكريم

الآيات الكونية

تتحدث الآيات المباركة من سورة الحجر عن بعض آيات الله -سبحانه وتعالى- في خلق الكون. حيث قال -تعالى-: (وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ* وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ* إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ). وقد أسلطت هذه الآيات الضوء على تلك المعجزات بعد تناول عناد الكفار وإصرارهم على الكفر.

بدأ الحديث عن عظمة السماء، التي تمثل صورة واضحة تُظهر دقة الخلق وإبهاره. وتتضمن هذه السماء كواكب ونجوم، مما يدل على توازن بين الضخامة والدقة والجمال، كما تُبين أنها محمية من الشياطين التي ترمي بالشهب.

وسلطت الآيات الكريمة الضوء على الأرض وما تحتويه من دلائل على عظمة الخالق، حيث وضحت دور الجبال في تثبيت الأرض، وأشارت إلى النباتات التي وصفت بأنها “موزونة”؛ نظرًا للفوائد والحكم في كل صنف منها، مما يدل على تقدير الله -تعالى- للبشر والأرض. قال -تعالى-: (وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ).

قصة آدم عليه السلام

تناولت الآيات الكريمة في السورة قصة آدم -عليه السلام- بدءًا من خلقه من حمأ مسنون، ثم النفخ فيه من الروح الإلهية. كما عرضت أصل خلق إبليس، الذي خلق من نار السموم، ومن ثم طلب السجود لآدم -عليه السلام- من الملائكة وإبليس، والذي استكبر ورفض ذلك، مما أدى إلى طرده من الجنة وإمهاله إلى يوم القيامة.

كما تناولت الآيات الكريمة سعي إبليس لإغواء بني آدم، مع التأكيد على أن عباد الله المؤمنين محصنون من سلطانه. قال -تعالى-: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ).

خلق الإنسان

أوضحت الآيات الكريمة الأصل الذي خُلق منه الإنسان، حيث خُلق من الطين الجاف المخلوط بالماء، الذي صُنع على هيئة الإنسان. ثم نفخ الله -تعالى- فيه من روحه. قال -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ).

نماذج الرحمة في قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام

تناولت الآيات الكريمة قصة نبي الله إبراهيم -عليه السلام-، حيث حضرت إليه الملائكة بشكل بشري، ليبشرونه بغلام مع امرأته العاقر. وقد أدرك إبراهيم أنهم ملائكة نظرًا لطبيعة البشارة. كما عبّر عن استبعاده لحدوث هذه البشرى نظرًا لكبر سنه واعتلال زوجته. وقد نبهته الملائكة بعدم استبعاد رحمة الله -تعالى-، حيث إن ذلك يؤدي إلى اليأس من رحمته -والعياذ بالله-.

انتقلت الآيات الكريمة إلى الحوار الذي جرى بين إبراهيم -عليه السلام- والملائكة بشأن العذاب الذي سيحل على قوم نبي الله لوط -عليه السلام-، بما في ذلك امرأته، ما عدا الذين آمنوا. قال -تعالى-: (قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ* قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ* إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّهَا لَمِنَ الْغابِرِينَ).

مصير بعض الأمم السابقة

تتناول الآيات الكريمة بعض مصائر الأمم السابقة، ومنها:

  • قوم لوط -عليه السلام-: حيث كانوا عُمِلوا بعذاب تمثل في صواعق وصعقة هوائية تحمل حجارة من سجيل، قال -تعالى-: (فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ).
  • أصحاب الأيكة: وقد قيل بأنهم قوم شعيب -عليه السلام-. قال -تعالى-: (وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ* فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ). وتعرضوا للإهلاك بسبب كفرهم، وقد ذكر مكان عذابهم قريبًا من قوم لوط، حيث تقع القريتين في طريق قوافل أهل مكة.
  • أصحاب الحجر: وهم ثمود، قوم نبي الله صالح -عليه السلام-، وعُذبوا بعدة أنواع من العذاب تتمثل في الصيحة والرجفة والصاعقة. قال -تعالى-: (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ* وَآتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ* وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ* فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ* فَما أَغْنى عَنْهُمْ مَا كانُوا يَكْسِبُونَ).

نصائح في التعامل مع الآخرين

اختتمت الآيات الكريمة بتقديم نصائح في كيفية التعامل مع غير المؤمنين، ومن هذه النصائح:

  • تجنب أذى المشركين بالتحلي بالصبر والتسامح.
  • التذكير بنعم القرآن الكريم التي تفوق ما عند الكافرين من أرزاق دنيوية زائلة لا تساوي شيئًا أمام عظمة القرآن.
  • توجيه إلى المعاملة الحسنة واللينة مع المؤمنين، سوادًا كانوا فقراء أو أغنياء.
Scroll to Top