تفسير آية “عند تحقق وعد الآخرة، سنجمعكم جميعًا”

تفسير آية (فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا)

تنتمي هذه الآية الكريمة إلى سورة الإسراء، وكانت موجهة إلى بني إسرائيل. حيث قال الله تعالى: (وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأَرْضَ فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا). في ما يلي سيتم توضيح تفسيرها:

معاني مفردات الآية

يمكن تلخيص معاني بعض المفردات الأساسية في الآية على النحو التالي:

  • وعد الآخرة: يشير إلى يوم القيامة.
  • لفيفاً: يعبر اللفيف عن جمع كبير مختلط يضم أنواعاً مختلفة، حيث يُقال مثلاً: هذا طعام لفيف، أي مزيج من عدة أطعمة. وفي يوم القيامة، يجتمع الناس في مكان واحد رغم تنوعهم؛ فهم مؤمنون وكافرون، برّ وفاجر، طاغٍ وعادل، مطيع وعاصٍ، سواء كانوا من السود أو البيض.

التفسير العام للآية

وردت هذه الآية في سياق توجيه شكر لبني إسرائيل على تمكينهم في الأرض، بالإضافة إلى تذكيرهم بإهلاك قوم فرعون ونجاتهم منه. فقد سبقت الآية الإشارة إلى رغبة فرعون في إخراج موسى -عليه السلام- وقومه من أرضهم عن طريق القتل أو الطرد.

لكن الله تعالى أهلك فرعون ومعاونيه، حيث غرقهم في البحر، في حين أن موسى -عليه السلام- وقومه من بني إسرائيل نُجّوا. كما ذكر الله -تعالى- في قوله: (فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعًا). بعدها، خاطبهم الله عز وجل بعد إغراق آل فرعون مشيراً إلى ضرورة سكناهم في الأرض التي كان فرعون يسعى لطردهم منها.

وهنا، تشير “الأرض” في تفسيرات بعض العلماء إلى مصر أو بلاد الشام الموعودة لهم، في حين يرى آخرون أنها تعني الأرض بشكل عام، مما يعني أن بإمكانهم الانتشار في مختلف المناطق. وهذا يتماشى مع قوله -تعالى-: (وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا) وقوله: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا).

ثم جاء يوم القيامة حيث أحياهم الله وأخرجهم من قبورهم، وجمعهم في ساحة المحشر، حيث سيكونون مختلطين بكل الأنواع والأجناس؛ مع وجود المؤمنين والكافرين، والمطيعين والعاصين، والسعداء والأشقياء، مما يؤدي إلى عدم التعرف بينهم أو تفضيل أحدهم على آخر بناءً على أصولهم أو قبائلهم.

ما تشير إليه الآية

تقدم هذه الآية الكريم عدة دروس وعبر يمكن استخلاصها، من بينها:

  • توضح السنة الربانية القائمة في الكون، وهي إهلاك الظالمين المستكبرين، وتوريث المستضعفين الصابرين أراضيهم وديارهم.
  • تشير إلى بشارة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بفتح مكة، حيث كان أهل مكة قد سارعوا لإخراج الرسول منها، لكن الله -تعالى- منحه مكة المكرمة ودخلها، وقهر أعداءه وعامليها بمساحات من الرحمة والكرم.
Scroll to Top