مفهوم الذات
يعتبر الفلاسفة الشرقيون أن مفهوم الذات يرتبط بإرادة البقاء والعيش، حيث لا يمكن تصور وجود أسباب للعيش دون وجود نفس قادرة على التمييز بين الخير والشر. وقد أشار بوذا إلى أن تحقيق الذات يتحقق من خلال التغلب على اللذة بدون الشعور بالألم. كما يعتقد بعض فلاسفة الهند أن لتحقيق الذات، يجب أن يتسم الشخص بصفات معينة مثل الهدوء، والصبر، والثبات، والكبرياء.
الذات لدى فلسفة الصين
يجمع الصينيون في تعريفهم للذات مع نظرائهم في الهند على ضرورة وجود الشجاعة والإرادة القوية لتجاوز اللذة. ويعتبر البوذيون أن الذات هي فعل يتجرد من البحث عن المنفعة أو اللذة، إذ تُبنى الذات وفقاً لمعرفة الإنسان بخفايا الحياة والتجارب الدنيوية.
فلسفة سقراط حول الذات
يقدم سقراط رؤية تفيد أن الذات هي مزيج من قدرات وملكات الفرد، حيث ترتبط بقدرته على التحليل وبناء المنطق. فهو يعبّر عن مفهوم الذات من خلال الوعي والإدراك الحسي، مما يشير إلى أن الذات تتحقق عبر الإرادة والوعي بوجود الأشياء وأسبابها.
أفلاطون ومفهوم الذات
ترتكب فلسفة أفلاطون حول الذات على مفهوم المدينة الفاضلة، حيث يفترض أن كل ما هو محسوس مرتبط بعالم غير مرئي. ووفقًا لأفلاطون، يؤسس كل شيء على عالم مثالي يتمثل في الجوهر. ومن الملاحظ أن الفلاسفة يختلفون في تأويل أفلاطون لتعريف الذات، وبما أن ذلك يعتبر تحيزًا لنقص قدرة الإنسان على الوصول إلى القيم المثلى.
فلسفة أرسطو للذات
يعتمد أرسطو في تعريف الذات على عنصرين رئيسيين: الأول هو الجوهر، الذي يعني كيفية استجابة الأشياء المحيطة بنا من خلال العقل، والثاني هو المظهر، الذي يتعلق بالإحساس الخارجي للشكل. وبالتالي، يربط أرسطو بين مكونين أساسيين من الإنسان وهما الجسد والعقل.
مفهوم الذات في الدراسات الحديثة
تُصنف النظريات الحديثة الذات إلى ثلاثة أنواع:
- الذات الواقعية: حيث يدرك الإنسان ذاته من خلال وجهات نظر الآخرين.
- الذات المثالية: والتي تحددها آراء الآخرين عن الإنسان، مع التركيز على شروطه الفردية.
- الذات الخاصة: التي تتميز بمعرفة الفرد لنفسه بعيداً عن الحقائق الموضوعية.
مفهوم الذات لدى الفلاسفة المسلمين
تختلف العناصر الأساسية لتكوين الذات لدى الفلاسفة المسلمين عن غيرهم، حيث تتميز بالتشامل. فقد تم تناول عنصر أو اثنين من مكونات الذات الإنسانية من قبل كل مذهب ثقافي. فهناك من يعتبر العقل هو العنصر الوحيد، وآخرون يرون أهمية الأخلاق، في حين اعتبر الفلاسفة المسلمون أن العناصر الرئيسية لتكوين الذات تشمل الجسد والعقل والأخلاق. فعلى الإنسان أن يمتلك القدرة الجسدية، بالإضافة إلى المهارات التحليلية والتفكير ليصل إلى ذات أفضل، ويتطلب ذلك أيضاً التزاماً أخلاقياً يقوده نحو العالم المثالي أو الروحاني.
يمكن اعتبار معادلة الإنسان التي أعدها الخوارزمي كدليل على ذلك، حيث تتلخص هذه المعادلة في أن من يمتلك الأخلاق يمثل الرقم واحد. وإذا كان جميلاً يُضاف إلى الرقم واحد الرقم صفر لتصبح المحصلة عشرة. وإذا امتلك مالاً يُضاف إلى الرقم عشرة صفر آخر ليصبح الرقم مئة. وبهذا، إذا فقد الشخص الأخلاق، يبقى الرقم واحد دون قيمة لدى الأصفار، مما يؤدي إلى عدم تحقيق الذات. وبالتالي، يعتبر هذا الرأي شاملاً، حيث يتكون الإنسان من ثلاثة عناصر أساسية: العقل، والروح، والجسد، ولا يمكن تحقيق الكل أي الذات في غياب أي من هذه العناصر.