التعريف بحفظ اللسان
حفظ اللسان يعني “الامتناع عن الكلام بما لا يوافق الشريعة، أو بما لا يحتاج إلى قوله المتحدث”، حيث يعتبر الشرع هو المعيار الذي يحكم على الكلام ويمنع من اللغو. لذا، يجب على المسلم أن يتأمل في ما سينطق به ويقيسه بمعايير الشريعة. إذا كان الكلام متناسباً مع تعاليم الشريعة، فعليه التحدث به، أما إذا كان غير ذلك، فيستوجب عليه حفظ لسانه. وقد شبه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- اللسان كأنه حيوان مفترس، إن ترك للحرية، فإنه قد يتسبب في ضرر الآخرين أو حتى في زوال صاحبه. لذلك يتوجب على المسلم التحكم في لسانه وضبطه وفقاً لما يرضي الله سبحانه وتعالى.
أهمية حفظ اللسان
في حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه-، سأل الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- عن النجاة، فأجابه: “أمسك لسانك، وليسعك بيتك، وابكِ على خطيئتك”. وهنا يتضح أن إنقاذ النفس يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحفظ اللسان.
ينبغي على كل مسلم بالغ أن يصون لسانه عن الحديث بشكل عام، إلا ما يحمل فيه فائدة وخيراً، لأن كثرة الكلام حتى الحلال قد تقود إلى ما هو محرم أو مكروه. لذا، فإن الواجب هو حفظ اللسان، فكل ما يُقال يُؤخذ في الحسبان ويُحاسب عليه صاحب اللسان.
أوجه حفظ اللسان
الابتعاد عن الغيبة والنميمة
الغيبة هو ذكر شخص بما يكرهه، وهي تشمل كل ما يتعلق بالشخص المغتاب، سواء كان ذلك بالدردشة، بالإشارة، أو حتى بالكتابة. ويُعتبر التنبيه على عيوب الآخرين مثل السلوك أو الشكل نمطاً من الغيبة. وهذا يختلف عن النميمة التي تهدف إلى إفساد العلاقات. الإسلام يأمر بحفظ اللسان، ومن يرغب في السلامة يجب أن يتجنب مجالس الغيبة وينأى بنفسه عن هذه الأحاديث. وقد ورد في الحديث الذي رواه سهل بن سعد: “من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رِجليه أضمن له الجنة”.
تحاشي كثرة الحلف وحلف بغير الله
نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن كثرة الحلف بجميع أنواعه، كما جاء في حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: “من كان حالفاً، فليحلف بالله، أو ليصمت”. وما إلى ذلك من أنواع الحلف غير المرضية.
اجتناب الكذب والوعد الكاذب
يعتبر الكذب من الكبائر، حيث يفتقر الشخص إلى العدالة والثقة إذا اتصف بهذه الصفة. لذا يجب على من يرغب في الابتعاد عن الكذب أن يضع في اعتباره نظرة الناس لمن يكذب وكيف يبتعدون عن كلامه، مما يدعو للحفاظ على اللسان في جميع الأمور.
الامتناع عن السب والشتم
قد حذر القرآن الكريم من سب المسلمين أو التنابز بالألقاب. فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث رواه عبد الله بن مسعود: “سباب المسلم فسوق وقتاله كفر”.
أساليب حفظ اللسان
يمكن للإنسان أن يحافظ على لسانه من خلال عدة أساليب، منها:
- يجب أن يكون الكلام ذا أهمية للمتحدث، فلا يتدخل في ما لا يعنيه، لأن هذا يعد سوء استخدام للسان، حيث يحذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من ذلك ويشير إلى أن “من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه”.
- على المسلم أن يتجنب إلحاق الضرر بالآخرين، مما يُظهر مودة في المجتمع. وهذا ما وضحه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حديثه: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”.
- يجب أن يتسم الكلام باللطف والطيبة، حيث يمكن أن تدخل الكلمة الإيمان أو تخرجه.
- ينبغي شغل اللسان بذكر الله -تعالى-، حيث هو الغرض الذي خلق من أجله، وتحقيق المقاصد في الدنيا والآخرة.
فوائد حفظ اللسان
إن لحفظ اللسان فوائد كثيرة، منها:
- تحقيق مرضاة الله -تعالى- ودخول الجنة.
- يزيد حفظ اللسان من حكمة المسلم حيث يجعله يفكر في كلامه قبل النطق به.
- يعمل على نشر المحبة والوئام بين أفراد المجتمع.
- استقامة اللسان تعزز استقامة الأفعال.
- يجنب المسلم الوقوع في المشاكل والمتاعب.
- يمنع الاستعجال في إصدار الأحكام على الآخرين.
- يعزز محبة الناس.
حفظ اللسان يتجلى في الامتناع عن الحديث المحرم، والابتعاد عن قول ما لا فائدة فيه، ولا سيما من خلال الامتناع عن سب الآخرين، والابتعاد عن الكذب والغيبة والنميمة.