تفسير الآية التي تتحدث عن الشخص الذي يتلقى كتابه بيده اليمنى

تفسير الآية الكريمة وفقاً لابن كثير

يوضح الله -سبحانه وتعالى- في قوله: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ) سعادة الشخص الذي يتسلم كتابه بيمينه يوم القيامة، ويعبر عن فرحته وسرور قلبه بذلك. ومن شدة فرحته، يصرخ قائلاً للناس: (هَاؤُمُ اقرؤوا كِتَابِيَهْ)، أي: خذوا واقرأوا ما أُعطيت من كتاب، حيث أن المؤمن واثق تمام الثقة مما يحتوي عليه كتابه.

وهو يعلم تماماً أن ما يحتوي عليه من خير وحسنات صافية، لأن الله قد بدل له سيئاته وذنوبه إلى ثواب وحسنات. يتلقى المؤمن كتابه بيمينه وبستر من الله، وعندما يقرأ سيئاته وأفعاله المذمومة في الحياة الدنيا، يسأله الله -تعالى-: هل قمت بهذا؟ فيقر العبد بذلك.

مع كل قراءة لسيئة أو ذنب، يتغير لون وجه العبد، فيقول الله -تعالى-: لم أفضحك بذنوبك، وقد غفرت لك. وعندما يتأمل المؤمن، يرى أن سيئاته قد تحولت إلى حسنات بفضل الله ورحمته، حيث نجا من فضيحته يوم القيامة، ثم يستعرض حسناته، ويعود لون وجهه إلى حالته الطبيعية.

وقد أشار إلى هذا المعنى حديث ابن عمر، حينما سُئل عن النجوى، فقال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إنَّ اللهَ يُدني العبدَ منه يومَ القيامةِ فيضَعُ عليه كَنفَه وسِتْرَه مِن النَّاسِ ويُقرِّرُه بذُنوبِه فيقولُ: أتعرِفُ ذَنْبَ كذا وكذا؟ فيقول: نَعَمْ أيْ ربِّ. فإذا قرَّره بذُنوبِه واعتقد أنه قد هلَك، قال: إنِّي قد ستَرْتُها عليكَ اليومَ. ثم يُعطَى كتابَ حسناتِه).

تفسير الآية الكريمة وفقاً للقرطبي

إن إعطاء الكتاب باليمين كما جاء في قوله -تعالى-: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ) يدل على النجاة والسعادة. ويعبر المؤمن بوضوح عن ثقته في إيمانه ونجاته، قائلاً: (هَاؤُمُ اقرؤوا كِتَابِيَهْ). ومن المعروف في الثقافة العربية أن اليد اليمنى تعتبر رمزًا للفرح، بينما اليد اليسرى تشير إلى الحزن.

فيما يتعلق بأول شخص يتلقى كتابه بيمينه يوم القيامة، فهي مسألة غيبية يُعلمها الله وحده. لا يمكن للإنسان إدراكها إلا من خلال وحي من الله -سبحانه وتعالى-. وذكر القرطبي في تفسيره، من خلال نقل عن ابن عباس، أن أول من سيحصل على كتابه بيمينه هو عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.

أما بالنسبة لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، فقد أخبرتنا الملائكة بأنه قد زُف إلى الجنة. وقد أشار القرطبي إلى ما ذكره الثعلبي، وناقله مرفوعاً من حديث زيد بن ثابت في كتاب التذكرة، مع التنبيه إلى أن هذا الأثر ضعيف ولا يمكن الاعتماد عليه.

تفسير الآية الكريمة وفقاً للسعدي

تشير الآية الكريمة: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ) إلى أن المؤمنين هم أهل السعادة والراحة والاطمئنان، حيث يُعطون كتبهم التي تتضمن حسناتهم وأعمالهم الصالحة بيمينهم، وذلك تمييزاً لهم وإعلاءً لمكانتهم بين البشر.

ويعبر المؤمن عن فرحته وسروره، محباً أن يطلع الناس على ما أنعم الله عليه من كرامة، فيقول: (هَاؤُمُ اقرؤوا كِتَابِيَهْ)، مما يعني: هذا هو كتابي، فاقرأوه، فهو يبشر بجنات الخلود ويعلن أنواع الكرامات، بالإضافة إلى مغفرة الذنوب وستر العيوب.

Scroll to Top