مفهوم علم النفس الجنائي وأهميته

علم النفس الجنائي

علم النفس الجنائي، أو دراسة السلوك الإجرامي، هو مجال أكاديمي يستهدف تحليل الأفعال والأفكار والنوايا، إلى جانب ردود أفعال الأفراد المجرمين قبل أو بعد ارتكاب الجرائم. يركز هذا العلم على فهم عقلية الجاني والدوافع التي أدت إلى ارتكاب الجريمة، مما يساعد على توقع سلوكياتهم المستقبليّة وأيضاً يقلل من تزايد الأنشطة الإجرامية في المجتمع. وعادة ما يُستدعى علماء النفس الجنائي كخبراء في القضايا العدلية، لتقديم دعمهم للجنة القضاة في فهم العقليات الإجرامية من خلال تحليل الجاني على المستوى الذهني والجسدي.

تاريخ علم النفس الجنائي

تأسس علم النفس الجنائي في بداية القرن العشرين، وتحديدًا في عام 1904، لتشخيص حالة أدولف هتلر بناءً على طلب مكتب الخدمات الاستراتيجية الأمريكي من الأخصائي النفسي والتر لانغر. بعد ذلك، قام البروفيسور ليونيل هاورد في سلاح الجو الملكي بإنشاء قائمة من الخصائص التي تتعلق بمجرمي الحرب، بهدف الكشف عن التوجهات الإجرامية للأسرى الحربيين والطيارين.

تواصل علم النفس الجنائي في التطور، حيث عُرف الأخصائي النفسي الإيطالي سيزار لومبروزو كأول عالم جنائي يصنف المجرمين بشكل رسمي بناءً على العمر والجنس والخصائص الفيزيائية والعرق والتعليم والمنطقة الجغرافية. هذا الأمر ساهم في فهم الدوافع وراء السلوك الإجرامي، وتم تصنيف المجرمين إلى ثلاثة أنواع: أولئك الذين وُلِدوا بطباع إجرامية، والذين تعرضوا لظروف قاسية دفعتهم لارتكاب الجريمة، والذين يُعانون من اضطرابات عقلية.

التشخيص في علم النفس الجنائي

في عام 1981، وضع البروفيسور ليونيل هاورد، الذي يُعد من رواد علم النفس الجنائي، أربعة قواعد رئيسية لفهم وتحليل المجرمين نفسيًا. ولا تزال هذه القواعد تُطبق حتى اليوم، حيث يواجه علماء النفس الجنائي العديد من القضايا التي تتطلب منهم تقديم شهادات دقيقة للمحكمة لضمان إصدار أحكام عادلة. لتحقيق تشخيص دقيق، يجب اتباع خطوات معينة تتضمن:

  • الفحص السريري: يتضمن تقييم المجرم من الناحية السريرية باستخدام أدوات التقييم والمقابلة الشخصية لتشخيص حالته النفسية. يساعد هذا التشخيص السلطات على تحديد الطريقة الأنسب لاستجواب المجرم، كما يساهم في الكشف عن أي اضطرابات عقلية يمكن أن يعاني منها.
  • الفحص التجريبي: حيث يقوم الأخصائي النفسي بإجراء بحوث تتعلق بالقضية من جميع جوانبها، بما في ذلك اختبارات تجريبية تهدف لتوضيح الأمور أو تقديم المزيد من المعلومات للقاضي.
  • تقديم الإحصاءات: يتضمن تقديم إحصائيات ذات صلة بالقضية، مثل تحديد الاحتمالات الإحصائية لحدوث الجريمة ودور الجاني فيها.
  • الاستشارة القانونية: في هذه المرحلة، يُطلب من الأخصائي النفسي تقديم مشورته حول كيفية المتابعة في التحقيق بقضية معينة، مثل أفضل الوسائل لبدء مقابلة الأفراد للاستجواب.

أبرز موضوعات علم النفس الجنائي

يتصل علم النفس الجنائي بالعديد من المصطلحات والمفاهيم المتعلقة بعلم الجريمة والعقوبات، مثل مفهوم القانون الجنائي والنمو الإجرامي والاعتداءات الجنائية والمسؤولية الجنائية. بالإضافة إلى ذلك، يوجد العديد من الفروع المشتقة من علم النفس الجنائي، مثل علم النفس الشرطي وعلم نفس الجريمة والانحراف، وكذلك الدراسات المتعلقة بالضحايا والخدمات التي يجب أن تُقدم لهم. يهتم هذا العلم بدراسة الأبعاد النفسية للنظام القانوني، بالإضافة إلى شهادات شهود العيان وقرارات هيئة المحلفين. كما يتناول أيضًا المواضيع الفرعية مثل برامج العنف الأسري، وحماية الطفولة ومحاكمها، والمحاكم المختصة بقضايا المخدرات والصحة النفسية، وبرامج التعامل مع مجرمي القضايا الجنسية والعقلية.

Scroll to Top