عُمر بن عبد العَزيز
اسم عُمر بن عبد العزيز ونسبه
هو عُمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أُمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قُصي بن كلاب الأُمويّ. وُلد والده عبد العزيز من أفضل أُمراء بني أُمية، أما والدته فهي أُمُّ عاصم بنت عاصم بن عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.
نشأة عُمر بن عبد العزيز
وُلد عُمر بن عبد العزيز في المدينة المنورة، حيث كان كثير التردد على عبد الله بن عُمر -رضي الله عنه- بسبب حبه له، ورغبته في أن يصبح مثله. وُلِد عام 61 هـ، وتربى في بيئة من الرفاهية حيث كان والده أميراً على مصر، وعمه الخليفة عبد الملك. لم تمنع هذه الحياة المرفهة من التزامه بحفظ القرآن الكريم وتعلم العلم على يد كبار الصحابة مثل عُبادة بن الصامت وعبد الله بن عُمر -رضي الله عنهما-.
كما تلقى العلم من كبار التابعين مثل سعيد بن المُسيّب، وكان يتعلم اللغة العربية. زاد من استقامته وتدينه قُربه من عم والدته عبد الله بن عُمر -رضي الله عنه-. ذات يوم، عندما أراد والده أن يأخذ والدته إلى مصر، طلب عبد الله بن عُمر أن يُبقي ابنها معه، فوافقت، وعندما وصلت إلى زوجها وأخبرته بذلك، كتب إلى عمه عبد الملك بن مروان ليعين له شهرياً ألف دينار.
نشأ عُمر في المدينة بين أقاربه، متعلماً من الصحابة، وتأثر بهم. كان كثير البكاء خشية لله، خاصة عند قراءة القرآن. تأثر بوالده في طلب الحديث، وبحث عن العلم من العلماء والفُقهاء، مما دفعه إلى ترك مجالسة أقرانه، وكان يقضي وقته في تعلم العلم والقراءة، مما أكسبه فطنة وحكمة عميقة. كانت العائلة لها تأثير كبير في تشكيل شخصيته، وكان لديه إقبال قوي على العلم منذ صغره، وتأثر بالبيئة الصالحة في المدينة.
صفات عُمر بن عبد العزيز
جسدياً، كان عُمر بن عبد العزيز نحيفاً، أسمر اللون، وذو وجه رقيق ولحية جميلة، مع دلالة تُظهر أثر قوة من دابة على جبهته، ولذلك دُعي أشجّ بني أُميّة. وأما من حيث الصفات الأخلاقية، فقد كان عُمر معروفاً بمكارم الأخلاق، وكان ملتزماً بالصلاح والتقوى، بعيداً عن ملذات الدنيا، وكان يقظاً لذكر الآخرة. كان يحترم العلماء ويكرمهم، وكان من النادر أن تُفقده الزخارف الدنيوية من ذكر الله. عُرف عنه أيضاً الزهد والرضا بما قسم الله له، فكان يحيا حياة الكفاف.
زوجات وأبناء عُمر بن عبد العزيز
تزوج عُمر من فاطمة بنت عبد الملك، والتي أنجب منها إسحاق، ويعقوب، وموسى. كما تزوج بلميس بنت علي بن الحارث وأنجب منها عبد الله، وبكر، وأم عمّار. بالإضافة إلى ذلك، تزوج بأم عثمان بنت شعيب بن زبان الأصبغ، ورُزق منها إبراهيم. كما يُقال إنه كان له أَمَة أنجب منها أولاده: عبد الملك، الوليد، عاصم، يزيد، عبد الله، عبد العزيز، ورزبان، وآمنة.
أعمال عُمر بن عبد العزيز
إمارة المدينة
تولى عُمر بن عبد العزيز إمارة المدينة في عهد الوليد عام 86 هـ، واستمر حتى عام 93 هـ. كان عُمر معروفاً بالعدل، واستعان بمجموعة من الأشخاص الفاضلين في حكمه ليكونوا عوناً له على الحق. قام بتوسيع المسجد النبوي، ثم اتسعت سلطته ليصبح والياً على الحجاز، حيث نشر الأمن والعدل، وبدأ في حفر الآبار وبناء الطرق، وأعاد إلى الأموال العامة هيبتها، وأعطى الملجأ للمعذبين الذين هربوا من الظلم.
خلافة المسلمين
عندما مرض سليمان بن عبد الملك، أوصى بالخلافة لعمر. وعندما توفي، تولى عُمر الإمارة وصعد المنبر وقال: “إن هذا لأمر ما سألته الله قط”. بفضل خبرته في حكم المدينة لعشر سنوات تقريباً، وضع عُمر شروطاً لولايته وهي:
- أن يعامل الناس بالحق والعدل، وألا يظلم أحداً.
- أن لا يأخذ من حقوق بيت المال إلا من له حق.
- أن يُسمح له بالحج في أول سنة من خلافته، وأن يبقى في المدينة.
تمت الموافقة على هذه الشروط، فأصبح خليفةً للمسلمين، وعين عشرة من فقهاء المدينة لاستشارته، واهتم بمصالح الدولة، وعُرف بدقته في اختيار الولاة وتفقد أعمالهم. منعهم من الانشغال بأعمال أخرى، وكان يوفر لهم ما يكفيهم من المال حتى لا يطلبوا الرزق. بينما اكتفى هو بحياة بسيطة، مدركاً حجم المسؤولية المُلقاة على عاتقه، كان دائماً يفكر بالجائع والمظلوم.
ذات يوم، كان يُريد النوم، فأتى إليه ابنه يسأله عن نواياه، فرد عليه: “أريد أن أغفو قليلاً”. فقال له: “أتنام قبل أن ترد المظالم؟” فقام مع ابنه ليقوم بواجبه. استمرت خلافته سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام، وعُرف بالعدل والتقوى، وكان لا يأخذ من أحد شيئاً لأجل الله.
إنجازات عُمر بن عبد العزيز خلال خلافته
حقق عُمر بن عبد العزيز العديد من الإنجازات خلال فترة خلافته، وهذه بعض منها:
- تنفيذ إصلاحات تنموية تضمنت تعزيز الأمن، القضاء على الفتن، وإعادة توزيع الثروة.
- إصلاح ثقافي تمثل في تدوين الحديث الشريف وتعليم الرعية دينهم والسنة.
- زيادة الاهتمام بالدعوة إلى الإسلام وتشجيع غير المسلمين للدخول في الدين.
- تحقيق تطور إداري تمثل في منح عماله ما يكفيهم من الرزق لتوفير وقتهم للعمل على تطوير الأمة.
_________________________________________________
الهامش
* غائر العينين: تعني أن عينيه غائرتان.
* نفحة من دابة: يعني أثر ضربة بسبب دابة.