توضيح معاني سورة القلم للأطفال

إقسام الله بالقلم

بدأت سورة القلم بإقسام الله -عز وجل- بأحد حروف اللغة العربية وهو النون، حيث قال: (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ). وقد أقسم الله -تعالى- بالقلم، الذي يُعرف كأداة للكتابة، ولكن المقصود به هنا هو القلم الذي كتب به الله -عز وجل- أقدار البشرية إلى يوم القيامة.

تكريم الله لرسوله الكريم

قال الله -تعالى-: (مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ* وَإِنَّ لَكَ لأجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ* وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ* فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ* بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ* إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ* فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ* وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ).

في هذه الآيات، يتوجه الله -تعالى- لرسوله الكريم ويبرئه من التهمة بالجنون التي وجهها قومه إليه. كما وعده بالأجر الدائم الذي لا ينقطع، وأشاد بأخلاقه السامية. بهذه الكلمات، رفع الله -تعالى- مقام النبي من كافة النواحي.

كما وصف الله -تعالى- أعداءه بأنهم أسوأ الناس، إذ يسعون دوماً لفتنة الناس وإبعادهم عن الحق. ثم هددهم الله -عز وجل- من يختار طريق الضلال، ومدح المهتدين، وأمر نبيه بعدم اتباع هؤلاء المكذبين لأنهم ليسوا أهلاً لطاعته. لقد كانوا يتمنون لو كان النبي يسكت عن آلهتهم ويعمل على إرضائهم.

خصائص الكفار وجزاؤهم

قال الله -تعالى-: (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَهِينٍ* هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ* مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ* عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ* أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ* إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ* سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ). وتشمل صفات هؤلاء الكفار كما ورد في الآيات:

  • حلّاف: أي كثير الحلف، وهو أمر ممنوع، إذ يضع الله عرضة للأيمان.
  • مَهين: أي حقير، لأنه لا يكرم الله -تعالى-.
  • همّاز: من يغتاب الناس ويتحدث عن عيوبهم.
  • مشّاء بنميم: أي يتجول بين الناس بالنميمة التي تؤدي إلى الفتنة.
  • مَنَّاع للخير: أي لا يساعد الآخرين بأي شكل من الأشكال.
  • مُعْتَد: الذي يتجاوز حدود الله بفعل المعاصي.
  • أثيم: كثير الخطايا والذنوب دون أن يكترث لغضب الله.
  • عُتُل: شديد ووحشي في معاملته مع الآخرين.
  • زنيم: هو من أنتمى إلى قوم وهو ليس منهم.

بعد هذه الأوصاف السيئة، اعتبر الله -تعالى- أنهم يمتلكون كل ما يحتاجونه من مال وذرية، لكنهم احتقروا كلام الله واعتبروه أساطير. وعليه، عاقبهم الله بإصدار علامة على وجوههم تعرفهم بها.

قصة أصحاب البستان

تتناول سورة القلم جزءاً كبيراً من قصة أصحاب الجنة، وهم أناس يمتلكون بساتين خضراء وفيرة، وقد طلب الله -تعالى- منهم شكر نعمه من خلال تلبية حقوقه، ولكنهم جحدوا ومنعوا الفقراء من الاستفادة من خيراتها. فكانت النتيجة أنهم حرموا من ثمارها، إذ أرسلت عليهم نار من السماء، حتى تحولت إلى رماد.

كانوا يتآمرون فيما بينهم على منع الفقراء من دخول الجنة، وعزموا على فعل ذلك في الصباح الباكر، لكنهم تفاجأوا عندما وجدوا بساتينهم محترقة. وفي بداية الأمر، اعتقدوا أنهم أخطأوا الطريق، ولكن بعد التحقق أدركوا أنها جنتهم.

كان بينهم رجل عاقل ذكرهم بحق الفقراء، عندها اعترفوا بخطأهم وتابوا، وجأوا إلى الله يطلبون التعويض عن خسائرهم.

جزاء المؤمنين

قال الله -تعالى-: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ). وبهذا، تنتقل الآيات للحديث عن جزاء المتقين الذين يستقرون في جوار الرحمن في جنات دائمة الخيرات.

التفريق بين المؤمنين والكافرين

تعود الآيات لتُوبّخ الكفار الذين يعتقدون أن مصيرهم مثل المتقين في الجنة، حيث تفيد الآيات بوضوح بفارق هائل بين المصيرين. يقول الله -تعالى-: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ). ثم تسأل الآيات، هل لديكم كتاب يخبركم بأنكم ستتلقون النعيم؟ كما هو موضح في الآيات: (أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ* إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ).

الله -تعالى- يسألهم: (أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ); بمعنى هل لديكم عهود أو قسم بأن النعيم سيكون مكافأتكم؟ ويسألهم عن أي زعيم قد يضمن لهم هذا.

عقاب الكافرين يوم القيامة

بعد المقارنة بين المؤمنين والكافرين، تُذكّر الآيات بمصير الكافرين كما يلي:

  • (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ)

فتظهر هذه الآية صعوبة الأمر، حيث يُطلب من الكفار السجود لله بينما لا يقوى أحد منهم على ذلك.

  • (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ)

تصف هذه الآية شعورهم بالذل والانكسار، وهم الذين كانوا في الدنيا لا يتحرجون من السجود.

  • (فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ* وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ)

وفي هذه الآيات، يخاطب الله -تعالى- نبيه بتركهم للأمر، إذ سيتعرضون للعذاب تدريجياً، بعد أن يزيد الله لهم النعم مما يجعلهم يزدادون في طغيانهم.

  • (أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ* أَمْ عِندَهُمْ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ)

يسأل الله نبيه عما إذا كان يأخذ أجراً على رسالته، في حين هم لا يؤدون حقوق أموالهم، ومضمون ذلك توبيخ لهم، أم أنهم يعلمون الغيب ويكتبون الأقدار؟

تذكير الرسول بقصة صاحب الحوت

بعد تلك الأحداث التي توضح حال الكفار وتقارن بين مصيرهم، جاء تذكير الله -تعالى- لنبيه بالصبر من خلال قصة أحد أنبيائه، وهو يونس -عليه السلام-. قال الله -تعالى-: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ* لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ).

كان يونس -عليه السلام- معبراً عن بلائه وضيق نفسه، لكنه نال رحمة الله وغفران ذنوبه. لولا رحمة الله له لكان في الخلاء منبوذاً برغم ذنوبه. لكن الله اختاره ليكون من المرسلين وألحقه برحمة واسعة.

القرآن موعظة

تنتهي سورة القلم بموقف الكفار عند سماع آيات القرآن، حيث قال الله -تعالى-: (وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ), مشيرة إلى نظرتهم الجانبية وعدم المصداقية؛ إذ كانوا يتهمونه بالجنون. وبما أن الله -تعالى- يرد عليهم: (وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ), مبيناً أن هذا الذكر هو رسالة إلهية لجميع الخلق.

ملخص المقال: تناولت سورة القلم مواضيع متعددة بدءاً من إقسام الله -عز وجل- بالقلم، مروراً بمخاطبة الله -تعالى- لرسوله الكريم، واستعراض صفات الكفار وعواقب أفعالهم، بالإضافة إلى حالة المؤمنين والفروق بينهم. كذلك، احتوت على قصة مليئة بالعبر عبر قصة أصحاب البستان، وذكرت ما حدث مع يونس -عليه السلام- وتفاعله مع قومه، وغيرها من المعاني التي تحمل الحكمة والعظة.

Scroll to Top