تعريف علم الجرح والتعديل في علم الرجال

مفهوم علم الجرح والتعديل

سنوضح مفهوم علم الجرح والتعديل على النحو التالي:

  • الجرح في اللغة: هو التأثير في الجسد بواسطة السلاح أو ما يشابهه. أما في الاصطلاح، فالجروح هي رفض الحافظ البارع رواية راوٍ معين بسبب وجود علة فيه أو في روايته، مثل الكذب أو التدليس أو الشذوذ.
  • التعديل لغةً: يعني تصحيح الحكم أو إقامته، وهو يمثل التسوية والتزكية. وعندما نقول أن شخصًا ما عادل، فهذا يعني أنه يقضي بالحق ويكتسب قبولًا في النفوس؛ أما في الاصطلاح، فالتعديل هو وصف الراوي بما يستدعي اعتماد روايته.
  • يشير علم الجرح والتعديل إلى فحص الرجال أو تقييم الرواة، ويعتبر من العلوم التي نشأت بهدف الحفاظ على السنة النبوية الشريفة وتوثيقها بعيدًا عن التزوير والتلاعب.

تأسس هذا العلم من أجل دراسة أحوال الرواة وتمييز الأخبار الصحيحة من غير الصحيحة. وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الكذب في الإخبار عنه وهدد من يفعل ذلك بمكانة في النار. لذا، سعى العلماء إلى فحص أحوال الرواة، من حيث عدالتهم وضبطهم، بالإضافة إلى جوانب أخرى مثل النسيان والكذب وغيرها من الأمور التي تؤثر على صحة السّنة النبوية الشريفة، التي تعتبر المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم.

أهمية علم الجرح والتعديل

تكمن أهمية علم الجرح والتعديل في حماية السنة النبوية المطهرة من التزوير والكذب، من خلال فهم مدى ثقة الراوي بناءً على عدالته وضبطه. لذا، يتم البحث عن الراوي في كتب التراجم أو الإشارة إليه من قبل العلماء الثقات، أو التأكد من صحته من خلال مؤلفات الشيخين.

توضح هذه المسألة أهمية العلم من حيث ضرورة عدم قبول إلا ما يرد عن العدول، ومعرفة من عُرف بالضعف والكذب، ومن عُرف بالضبط والعدالة لنقل السنة النبوية الشريفة إلى الناس بدقة وموضوعية.

شروط قبول الرواية

توجد شروط معنية لقبول الرواية تتعلق بالراوي، وهذه الشروط هي كما يلي:

  • العدالة

يجب أن يكون الراوي مسلماً، بالغاً، عاقلاً، خالياً من مساوئ الأخلاق ومسببات الفسق. وتثبت العدالة عن طريق الشهرة أو الاستفاضة، أو من خلال شهادة المعدلين.

  • الضبط

يجب أن لا يكون الراوي مخالفاً لروايات الثقات؛ وإذا كان يتفق معهم في الغالب، فإنه يعد ضابطاً، ولا بأس إن كانت مخالفتهم نادرة، كما يجب ألا يكون ضعيف الحفظ، أو مغفلاً، أو كثير الأوهام، أو مرتكباً للأخطاء الكبيرة.

قواعد الجرح والتعديل

إن قواعد الجرح والتعديل تحتاج إلى ضوابط تحافظ على مصداقيتها، ومن هذه القواعد:

  • الجرح يكون واجباً عند الحاجة، فهو رسالة يجب أن تُفهم للتمييز بين الحق والباطل.
  • يجب أن يُجرح بحالة الضرورة فقط، ولا ينبغي أن يزداد الأمر عن ذلك.
  • لا يُسمح بنقل الجرح فيمن كان موضع جرح وتعديل، ويجب أن يُحافظ على الحياد في هذا المجال.
  • اتفق العلماء على عدم قبول الجرح والتعديل من شخص غير مُلم بأسبابها.
  • يجب أن يكون الجرح والتعديل صادرين عن شخص مُتعرف عليه بالعدالة فقط، ولا يقبل من يُعرف بأحد الأمرين.
  • يمكن قبول التعديل دون ذكر السبب.
  • الجروح لا تقبل إلا مع ذكر السبب.
  • لا يجوز التعديل في حالات الإبهام.
  • إن الحديث في شخص ما لا يعني بشكل مباشر أنه مُجرح.
  • تُقدم الجروح على التعديلات.

شروط الجارح والمعدل

توجد شروط معينة يجب توفرها في الجارح والمعدل، وهي كما يلي:

  • العلم: من الضروري أن يكون مرتادًا على العلماء.
  • التقوى: من المهم أن يتسم بالإنصاف في أحكامه الخاصة بالجرح والتعديل.
  • الصدق: يجب أن يكون صادقًا في أقواله وغير متحيز لأحد.
  • الورع: ينبغي عليه أن يستفتي أهل المعرفة للمساعدة في توضيح الرواية.
  • تجنب التعصب: من الضروري الابتعاد عن التعصب لأي مذهب أو رأي.
  • معرفة أسباب الجرح والتعديل: يجب أن يكون على دراية بأسباب الجرح والتعديل، وإلا فلن يُقبل منه شيئًا.

مشروعية الجرح والتعديل

تم التأكيد على مشروعية الجرح والتعديل في القرآن الكريم، ومن ذلك:

  • قال -تعالى-: (مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ).
  • قال -تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾، وهذه الآية تشير إلى وجوب التثبت من الأخبار وعدم القبول بما يرويه الفاسق إلا بعد التأكد من صحة القول، مما يعزز أهمية العدالة والضبط في نقل الروايات.

حالات عدم قبول الرواية

هناك مجموعة من الأمور التي تمنع قبول الرواية، ومنها:

  • لا تُقبل رواية الفاسق، ولكن في حال توبته، يجوز قبول روايته.
  • لا تُقبل رواية الكاذب حتى وإن تاب.
  • لا تُقبل رواية من يتساهل في سماعه أو إسماعه، مثل من ينام أثناء الاستماع.
  • لا تقبل رواية من يُعرف بكونه مُلقنًا في حديثه.
  • لا تُقبل رواية من يسهو.
Scroll to Top