فهم الإحسان في الإسلام
تتعدد المفاهيم التي تعبر عن الإحسان من الناحية اللغوية والاصطلاحية، وسيكون من المفيد الإشارة إلى أبرز هذه المفاهيم على النحو التالي:
- الإحسان من الناحية اللغوية
يعني الإحسان ضد الإساءة، حيث يقال “حسّنت الشيء تحسينًا”، بمعنى تحسينه وزيادته جمالًا، وعلى هذا فإن المحاسن في الأفعال تعني عكس المساوئ.
- الإحسان من الناحية الاصطلاحية
يتفاوت معنى الإحسان الاصطلاحي وفقًا للسياق الذي يتم استخدامه فيه، إلا أنه يمكن وصفه بأنه الممارسات الجيدة التي يجب القيام بها كما ورد على لسان الراغب. وطبقًا لما ذكره المناوي، فإن الإحسان يُعتبر “إسلاماً ظاهراً” يدعمه إيمان خفي، ويكتمل بإحسانٍ شهودي.
مرتبة الإحسان في الإسلام
لقد ألقى الله -سبحانه وتعالى- الضوء على الدين بحيث يقوم على ثلاث مراتب وهي: الإسلام، الإيمان، والإحسان. حيث إن الإحسان يمثل المرتبة العليا مقارنة بالمرتين السابقتين، إذ أن القرب من الله ونيل رضاه يتحقق من خلال الإحسان للنفس والخلق على حد سواء. وهذا يعكس فكرة أن كل مؤمن هو مسلم، ولكن ليس كل مسلم مؤمن، وليس كل مؤمن محسنًا، كما أنه ليس كل مسلم يعتبر مؤمنًا محسنًا.
وقد فسر النبي -صلى الله عليه وسلم- مفهوم الإحسان عندما سأله جبريل -عليه السلام- ما معنى الإحسان، فأجاب النبي -عليه السلام- قائلاً: “الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك”، وهذا هو جوهر الدين بمجمله.
أنواع الإحسان في الإسلام
ينقسم الإحسان إلى نوعين رئيسيين، يمكن توضيحهما على النحو التالي:
- الإحسان في عبادة الله
يمثل الإحسان في العبادة القيام بجميع الواجبات والأحكام الشرعية المرتبطة بها، فضلًا عن التزام الشخص بتجنب المحرمات ظاهراً وباطناً، كما جاء في قوله -تعالى-: “وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ”، وكذلك من خلال الصبر على ما قد يُقدر من غير سخط أو جزع.
- الإحسان إلى عباد الله
يجب توجيه الإحسان إلى الناس من خلال تأدية حقوقهم كما أمر الله -عز وجل-، مثل بر الوالدين، وصل الرحم، وتحقيق الإنصاف في جميع أنواع المعاملات، وإعطاء المسلمين حقوقهم. كما جاء في قوله -عز وجل-: “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ”. وقد أكد الله ضرورة الإحسان إلى هؤلاء ما لم يؤدي ذلك إلى تفريط بحق من حقوقه.
ثمار الإحسان في الإسلام
كل عبادة شرعها الله لها غاية، وبما أن الإحسان هو أعلى مراتب الدين، فستكون له أيضًا أعلى الثمرات في الدنيا والآخرة، وفيما يلي بعض من هذه الثمرات:
- الخلود في جنات النعيم.
- حب الله للمحسنين وتفضيله عليهم في الدنيا وعند حساب الآخرة.
- رفع المكاره والشدائد عن المحسنين في الدنيا.
- شمولهم برحمة الله -تعالى-.
- منح الله لهم ذرية صالحة، وتفضيلهم بالهداية والعلم والحكمة.
- كل ما يقوم به المحسن يُكتب عند الله من الأعمال الصالحة.
- رفع الحرج عن المحسنين.
- تمكينهم في الأرض ومنحهم القدرة على تأويل الأحاديث والحكم في الأرض.
- توفير البركة في العمر والمال والأهل.
- إزالة ما في النفوس من هموم وسوء الظن وسوء الفهم.