مفهوم العلم وتعريفه

تعريف العلم

تشتق كلمة “العلم” في اللغة من الفعل “عَلِمَ”، وعادة ما يُستخدم الجمع “عُلُوم”. بينما يُشتَق اسم الفاعل “عالِم”، ويأتي الجمع من “عالِمون” أو “عُلَماء”. تصف كلمة “عَلِمَ” شخصاً أدرك شيئاً، مما يعني أنه قد عرف الحقيقة أو أيقن بها. كذلك، يتضمن مفهوم العلم إدراك الأمور على حقيقتها. ويدلّ العلم اللدني على المعرفة الربانية التي تُهدى للإنسان عبر الإلهام، بينما تشير العلوم الحقيقية إلى تلك التي تتجاوز تحولات الأديان والملل، مثل علم المنطق. في المقابل، تشمل العلوم الشرعية الفقه والحديث وغيرها. ويمكن تعريف العلم اصطلاحاً بأنه مجموعة الأبعاد والأسس الكلية التي تسعى لفهم موضوع محدد، كما في علوم الكلام والنحو والجغرافيا وعلوم الأرض والكونيات وعلم الآثار وغيرها.

بالإضافة إلى ذلك، يُمكن أن يُفهم العلم (بالإنجليزية: Science) كدراسة العالم المادي والطبيعي من خلال التجارب والملاحظات التي يمكن اختبارها والتحقق منها عبر البحث، إذ يمثل ذلك مراقبة منهجية للأحداث والظروف بهدف اكتشاف الحقائق وصياغة النظريات والقواعد مبنية على البيانات المجمعة. لذلك، يُعتبر العلم هيكل المعرفة المنظم المبني على الملاحظات والتجارب.

نبذة تاريخية عن العلم

لقد كان الإنسان منذ عصور ما قبل التاريخ مدفوعاً بالبحث عن المعرفة وفهم كيفية عمل الأشياء لربط ملاحظاته مع توقعاته. فقد كان الاهتمام بعلم الفلك واضحاً منذ القديم، حيث سعى الإنسان لفهم التغيرات الموسمية لمواقع الشمس والقمر والنجوم. في حوالي 4000 سنة قبل الميلاد، كان سكان بلاد ما بين النهرين يعتقدون أن الأرض هي مركز الكون، وأن الأجرام السماوية تدور حولها. لكن ذلك لم يكن سوى جزء من اهتمامهم، حيث امتد فهمهم ليشمل علوم المعادن والدواء المبنية على الملاحظة والتجربة، مما أدى إلى تطوير استخراج المعادن مثل الحديد والنحاس والقصدير عبر مبدأ المحاولة والخطأ، فضلاً عن استخدام بعض النباتات لأغراض علاجية.

كما ساهم الفلاسفة الإغريقيون في صياغة النظريات المعتمدة على الملاحظة، ومن بينهم فيثاغورس وأفلاطون وأرسطو. وقد أُسهمت شعوب عديدة حول العالم مثل الهند والصين والشرق الأوسط في نقل العلم، حيث اختراع البارود والورق والصابون بينما استمر التقدم العلمي ببطء حتى القرن السادس عشر، حين أطلق الفلكي كوبرنيكوس ثورة في كيفية فهم البشر للكون. وقدمت أفكار هارفي حول ضخ الدم والتوزيع إلى أجزاء الجسم تطوراً مهماً في فهم وظائف الجسد.

بدأت ملامح العلم الحديث في القرن السابع عشر مع تطور أدوات مثل المِجْهَر والتلسكوب والباروميتر، حيث بدأ العلماء في تقديم قوانين علمية لتفسير الظواهر مثل الجاذبية. شهد القرن الثامن عشر تطور أساسيات علوم الأحياء والكيمياء فيما يُعرف بعصر التنوير، بينما أُنجزت العديد من الاكتشافات في القرن التاسع عشر على يد علماء بارزين، مثل جون دالتون الذي طور النظرية الذرية للمادة ومايكل فاراداي وجايمس ماكسويل اللذان قدما نظريات هامة حول الكهرباء والمغناطيسية. وعكس القرن العشرين جدولاً ضخماً من الاكتشافات في مجالات مثل النظرية النسبية والميكانيكا الكمومية، مما دفع العلماء إلى إعادة تقييم مفاهيمهم.

أهمية العلم

يمثل العلم أسمى جهد جماعي يقوم به الإنسان، حيث تسهم المعرفة العُلمية في فهم كيف تعمل الأشياء، مما يساهم في تحسين جودة الحياة. يساهم العلم في تعزيز الصحة العامة وجعل الحياة أكثر متعة عبر النشاط البدني والفنون. كما يقوم بتوفير الأدوية والعلاجات للعديد من الأمراض، مما يساهم في تخفيف الآلام. يقدم العلم أيضًا الاحتياجات الأساسية كالطعام والماء، بالإضافة إلى كونه مصدرًا للمعرفة التي تجيب عن العديد من أسرار الكون، ويحتوي على مجموعة من الفرص الوظيفية التي تعزز جودة التعليم ورفاهية المجتمعات، ويساعد في مراقبة البيئة لضمان سلامة الحياة البرية.

لمزيد من المعلومات عن دور العلم في حياة الإنسان، يمكنك قراءة المقال حول أهمية العلم في حياة الإنسان.

فروع العلم

ينقسم العلم بناءً على مجالاته إلى ثلاث فئات رئيسية تشمل:

  • العلوم المُجرَّدة: (بالإنجليزية: Abstract Science) تُعنى بدراسة العلاقات بين الكميات والأرقام، ومن الأمثلة عليها الرياضيات والإحصاء.
  • العلوم الاجتماعية: (بالإنجليزية: Social Science) تدرس الأنشطة الاجتماعية للإنسان اعتمادًا على العادات والمنطق، مثل علم الاجتماع والعلوم السياسية وعلم الاقتصاد والجغرافيا.
  • العلوم الطبيعية: (بالإنجليزية: Natural Science) تُعتبر علوم أساسية تهدف لدراسة الحقائق الطبيعية، وتنقسم إلى مجالين:
    • العلوم الفيزيائية: تركز على دراسة الكائنات غير الحية والظواهر الطبيعية التي تحكمها قوانين محددة، مثل الفيزياء والكيمياء وعلوم الأرض والفلك.
    • العلوم البيولوجية: تتعلق بدراسة الكائنات الحية.

أهداف العلم

تتمثل أهداف العلم في ثلاثة جوانب رئيسية:

  • الوصف: وهو الهدف الأساسي للعلم، يتحقق من خلال القيام بملاحظات دقيقة، مثل تحديد موضوع معين لفهمه والبحث عنه.
  • التنبؤ: يُعبر عن القدرة على ملاحظة السلوكيات والأحداث المنتظمة واستخدام المعلومات للتنبؤ بحدوث أحداث أو سلوكيات معينة مستقبلًا.
  • الشرح والتوضيح: يتمثل في السعي لفهم أسباب السلوكيات والأحداث وتطوير آليات لإيجاد حلول فعّالة لها.

خصائص العلم

يعتمد العلم على طرق منهجية لجمع البيانات وتطوير الفرضيات أو دحضها. على الرغم من اختلاف الطرق في بعض الفروع، إلا أن هناك خصائص مشتركة تختص بها جميع العلوم، وتشمل:

  • الملاحظة التجريبية: يعتمد العلم على الملاحظات المباشرة، مما يستبعد الفرضيات التي تتناقض مع الحقائق المرصودة.
  • التجارب القابلة للتكرار: تتيح إمكانية تكرار التجارب للحصول على نفس النتائج، شريطة أن يكون هناك تفصيل للطرق المتبعة لتحقيق ذلك.
  • النتائج المؤقتة: النتائج التي يتم الحصول عليها تُعتبر مؤقتة، مما يتطلب من العلماء الاستعداد للنقاش والتعديل في ضوء الأدلة الجديدة.
  • الموضوعية: يسعى العلم إلى استناد منهجه على الحقائق والأدلة الموجود، بعيدًا عن التحيزات الشخصية.
  • المراقبة المنهجية: يعتمد العلم على دراسات منظمة بعناية، رغم أن الاكتشافات قد تبدأ من ملاحظات عشوائية، كما قال إسحاق عظيم، فإن ذلك يدفعنا للاستكشاف المنهجي.
Scroll to Top