مفهوم الفلسفة البراجماتية

ما هي الفلسفة البراغماتية؟

تعود أصول كلمة الفلسفة إلى اليونانية، حيث تتكون من مقطعين هما “فيلو” و”سوفيا”، اللذان يعنيان “حب الحكمة”. تسعى الفلسفة إلى فهم الموضوعات الأزلية وحقائق الظواهر المختلفة، وبالتالي يمكن تلخيصها بأنها البحث المستمر عن المعرفة. في المقابل، تُعتبر البراغماتية مبدأ فلسفياً يقوم على أن معيار صحة الأفكار والآراء يعتمد على نتائجها العملية. تؤكد البراغماتية على أهمية المعرفة كوسيلة لتلبية احتياجات الحياة المتنوعة، حيث يُعتبر الصدق في فكرة ما مرهونًا بمدى فائدتها ولزومها، ويتحدد معنى كل اقتراح بناءً على نتائجه العملية.

جاء مصطلح البراغماتية من الكلمة اليونانية “pragma”، وقد تم استخدامه لأول مرة كمصطلح أكاديمي قبل أكثر من مئة عام. كان عالم النفس الأمريكي ويليام جيمس (1842-1910) هو أول من قام بنشر هذا المصطلح في عام 1898 في دراسة بعنوان “المفاهيم الفلسفية والنتائج العملية”، والتي تم تقديمها في جامعة كاليفورنيا. ومع ذلك، يُنسب الفضل في صياغة هذا المصطلح إلى صديقه سي. إس. بيرس (1839-1914) قبل حوالي ثلاثة عقود. من المتفق عليه أن الفلسفة البراغماتية نشأت في الولايات المتحدة خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر.

أبرز فلاسفة البراغماتية

من بين الشخصيات البارزة في الفلسفة البراغماتية:

  • وليام جيمس (1842-1910): كان هو أول من استخدم مصطلح البراغماتية في المطبوعات، ويُعتبر مؤسس علم النفس الحديث.
  • تشارلز ساندرز بيرس (1839-1914): هو مبتكر مصطلح البراغماتية، وكان عالماً منطقياً ساهمت أفكاره في تطوير علوم الكمبيوتر.
  • جورج ميد (1863-1931): أحد مؤسسي علم النفس الاجتماعي.
  • جون ديوي (1859-1952): عمل على تطوير الفلسفة التجريبية العقلانية، التي أصبحت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالفلسفة البراغماتية.
  • ويلارد فان كوين (1908-2000): أستاذ في جامعة هارفارد، ويُعتبر من أكثر فلاسفة القرن العشرين تأثيراً، حيث كان مدافعاً عن الفلسفة التحليلية، التي تعود أصولها إلى البراغماتية القديمة.
  • لارنس إيرفينغ لويس (1883-1964): فيلسوف وأكاديمي أمريكي، يُعتبر مؤسس البراغماتية المفاهيمية، وقد كان معروفاً في بادئ الأمر كعالم منطقي، ثم انتقل إلى دراسة نظرية المعرفة، وكتب كثيرًا عن الأخلاق في آخر فترة من حياته، ويعد من الشخصيات الرائدة في المنطق الفلسفي الحديث.

المفاهيم الرئيسية للفلسفة البراغماتية

في أوائل القرن العشرين، كانت الفلسفة البراغماتية هي السائدة في الولايات المتحدة، حيث أثرَتْ على مختلف جوانب الحياة، بما في ذلك التعليم والسياسة والمجتمع والفن والدين. ولكن من المهم ملاحظة أنه لا توجد عقيدة براغماتية موحدة، بمعنى عدم وجود قائمة محددة من المبادئ توافق عليها جميع المدارس البراغماتية. ومع ذلك، يمكننا تحديد بعض الأفكار المركزية في الفلسفة البراغماتية، على الرغم من صعوبة إجماع جميع المفكرين عليها. وفيما يلي بعض من الطروحات الأساسية للبراغماتية:

  • ردود البراغماتيين على نظرية التطور والمثالية، إذ يعتبرون أن التغيير هو جوهر الحياة، ويدعون إلى توجيه هذا التغيير لتحقيق المنفعة الفردية والاجتماعية، مما يجعلهم يتبنون نقدًا لمختلف المذاهب الأخلاقية.
  • يرون أن الحوادث غير المتوقعة تشكل جزءاً مهماً من الحياة، وبالتالي، فإن العمليات الاجتماعية والسلوكية، وحتى القوانين الطبيعية، تمثل مجرد احتمالات، مما يعني عدم وجود حقيقة ثابتة.
  • تقوم البراغماتية على تجربة نقدية مستمرة، حيث تعطي الأولوية للتجارب الواقعية على المبادئ الثابتة، وبالتالي تشدد على أهمية الفكر التجريبي في التحقيقات النقدية.
  • تعتبر النظريات أو العمليات التي لا يمكن التنبؤ بنتائجها بلا معنى عملي للبراغماتيين، حيث يقول تشارلز بيرس: “فكرتنا عن أي شيء هي فكرتنا عن آثاره الممكنة”.
  • يعتقد معظم الفلاسفة أن الحقيقة تعني توافق الفرضيات مع الحالة الواقعية، بينما يرى البراغماتيون أن الحقيقة يجب اكتشافها من خلال عملية التحقق، مما يجعلها نتيجة لنجاح فكرة ما.

في الختام، يمكن تلخيص الفلسفة البراغماتية بأنها فلسفة نفعية تقيّم الأخلاق بناءً على النتائج العملية، حيث تعتبر النتيجة هي المعيار الأساسي في الحكم على فعالية الأعمال ونجاحها. كما تنفي البراغماتية وجود حقائق موضوعية وقيم مطلقة، وتؤكد أن الحقائق تُكتشف باختراع أفكار جديدة، وليس باكتشاف ما هو موجود بالفعل، ويكون معيارها على أساس فائدتها في السياق العملي.

Scroll to Top