تاريخ ظهور الدعوة النبوية الهادفة إلى هداية البشرية

تاريخ البعثة النبوية

انطلقت بعثة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في الواحد والعشرين من شهر رمضان، وذلك في ليلة يوم الاثنين. ويصادف هذا التاريخ العاشر من شهر أغسطس عام 610 ميلادي، أي قبل ما يقارب أربعة عشر عاماً من الهجرة النبوية.

عمر النبي عند بدء البعثة

كان عمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عند تلقيه الوحي أربعين سنة وستة أشهر واثني عشر يوماً، مما يعادل تسعة وثلاثين سنة وثلاثة أشهر واثني عشر يوماً في السنة الشمسية. وقبل فترة وجيزة من البعثة، بدأت تظهر على النبي -صلى الله عليه وسلم- علامات الوحي من خلال الرؤى الصادقة التي كانت تتحقق كما فلق الصبح.

أوردت عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أن أول ما بدأ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الوحي هو الرؤى الصادقة في المنام، حيث كان لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح. ثم أحب النبي -صلى الله عليه وسلم- الاعتزال، فكان يقضي الوقت في غار حراء يتعبد فيه. وقد كان يعتزل لأيام عدة، وأحياناً لشهر كامل قبل أن يعود إلى his family ويعود مرة أخرى إلى عزلة الغار.

حادثة البعثة

اصطفى الله -تعالى- النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأكرمه بالنبوة حين أرسل إليه الوحي بواسطة جبريل -عليه السلام- بأمره بتبليغ رسالة الإسلام أثناء وجوده في الغار. وقد مرت حادثة البعثة بمحطتين هامتين، كما هو موضح أدناه:

نزول الوحي

كان أول نزول للوحي في شهر رمضان بعد ثلاث سنوات من اعتكاف النبي -صلى الله عليه وسلم- في غار حراء. عندما فاجأه جبريل -عليه السلام- وطلب منه أن يقرأ، فكان رد النبي: “ما أنا بقارئ”. وبعد ذلك، احتضنه جبريل ضمة شديدة كادت أن تحبس أنفاسه، ثم قال له مرة أخرى: “اقرأ”، فأجابه النبي بنفس الرد. وقال لها جبريل للمرة الثالثة، وكان نفس رد النبي. ثم قرأ جبريل أمامه قوله -تعالى-: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ).

عاد النبي -صلى الله عليه وسلم- مذعوراً إلى زوجته خديجة -رضي الله عنها- ليخبرها بما حدث، وطلب منها أن تُخفيه بثوب. وقد روت عائشة -رضي الله عنها- أن النبي قال لخديجة: “زمّلوني، زمّلوني”، فقاموا بتغطيته حتى زال عنه الخوف. وعندما سمعت خديجة -رضي الله عنها- ما أبلغه عبّرت عن ثقتها في صدقه قائلة: “كلا أبشر، فوالله، لن يُخزيك الله أبداً”. وقد كانت خديجة خير مؤازر له، حيث بدأت في إذكاء روحه وتعزيز ثقته بنفسه، ثم أخذته إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، الذي كان عالماً بالإنجيل، وقد أكد له أن الوحي الذي جاءه هو ذات الوحي الذي أتى إلى موسى -عليه السلام-.

الأمر بالتبليغ

توقف الوحي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أول نزوله، وقد أُشير إلى أن هذه الفترة استمرت عدة أيام أو حتى ستة أشهر. وقيل إن الانقطاع استمر لثلاث سنوات أو أقل. وكان ذلك انقطاعاً يهدف لترويض نفس النبي -صلى الله عليه وسلم- من الخوف والروع، ويزيد في شوقه للعودة مجدداً لتلقي الوحي، لتعزيز تأكيده بأنه أصبح نبي الله ورسوله. وقد أمضى النبي فترة انقطاع الوحي في انتظار قدومه والتردد نحو الجبال في شغف للتحريض على مجيئه.

وبعد تلك الفترة جاءه جبريل -عليه السلام- مرة أخرى. وقد روى جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ثم فترت عني الوحي فترة، بينما أنا أمشي، سمعت صوتًا من السماء، فرفعت بصري نحو السماء، فإذا الملك الذي جاءني في حراء جالساً على كرسي بين السماء والأرض، ففزعت منه حتى وقعت على الأرض. فعدت إلى أهلي وقلت: زمّلوني، زمّلوني”، ثم أنزل الله -تعالى- عليه: “يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ”، وكان في ذلك الأمر دعوة له لإنذار الناس ودعوتهم إلى عبادة الله -تعالى- وتوحيده.

الصعوبات التي واجهها النبي بعد البعثة

واجه النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد بعثته العديد من التحديات في دعوته، ومنها:

  • اتهامه بالجنون، حيث أنزل الله -تعالى- فيهم قوله: (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ).
  • ردة فعل قريش وتهمة النبي بتهم باطلة، حيث اعتبروا ما جاء به سحراً وكذباً، قال -تعالى-: (وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُم مُّنبِئٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَـذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ)، وقال -تعالى-: (وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُملَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا).
  • الضغوط الاجتماعية في مكة، مما أدى إلى انتقال النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة كملاذ للإسلام بعد ما واجه المسلمون من أذى وعذاب. وكان الكفار يحرضون على قتل المسلمين والنبي -صلى الله عليه وسلم-.

باختصار، بُعث محمد -صلى الله عليه وسلم- كنبي ورسول عندما بلغ الأربعين من عمره، ليصبح آخر الأنبياء والمرسلين، وكانت بعثته في عام 610 ميلادي، أي قبل أربعة عشر عاماً من الهجرة النبوية.

Scroll to Top