إن الدين الإسلامي احتفى بالعلم وأعطاه أهمية خاصة، مما عكس تأثيره العميق في القرآن الكريم والسنة النبوية.
لم يقتصر الإسلام على دعوة الأفراد لطلب العلم فحسب، بل شجع أيضًا على استكشاف مختلف ميادين المعرفة والسعي نحو التعلم حتى لو استدعى ذلك السفر. يهدف هذا الاهتمام إلى ضمان وصول العلم إلى الجميع، وذلك بغرض إضاءة العقول وإثراء مسارات الحياة وزيادة المنافع للناس.
سنتناول بالتفصيل مجموعة من الأحاديث النبوية التي تناولت مسألة العلم، وحرصت على ترسيخ معانيه لكل مسلم و مسلمة، وأيضًا تطلعات الإسلام إلى العلم وأهميته وفوائده لشتى طلاب المعرفة.
تعريف العلم
في اللغة العربية، يُعرف العلم بأنه مصدر “علم” مع كسر اللام وفتح العين.
تجمع كلمة العلم تحت مصطلح “علوم”، وهي تشير إلى الفهم العميق وإدراك الحقيقة والمعنى. يمكن تقسيم العلم إلى ثلاثة أقسام رئيسية:
-
العلم الرباني، الذي يستقبله الإنسان من خلال الوحي والإلهام.
- يختص هذا النوع بالأنبياء والرسل والصالحين من عباد الله.
-
العلوم الطبيعية، التي تبقى ثابتة على مرّ الزمان والمكان.
- لا تتأثر بتغيّر الأديان أو المذاهب.
-
العلوم الشرعية، والتي تتضمن الفقه والحديث والتفسير وأصول الدين والعقيدة، مع التركيز على فهم نصوص القرآن والسنة واستخلاص الأحكام الشرعية منها.
- تبين هذه العلوم كيفية فهم النصوص وتفسيرها واستنتاج الفتاوى.
أهمية العلم
برزت أهمية العلم في الدين الإسلامي بوضوح من خلال الأحاديث النبوية التي تشدد على قيمته وضرورة السعي وراءه. إن فوائد العلم العظيمة تتضح فيما يلي:
-
يساهم العلم في تعريف الإنسان بالله تعالى ويعزز فهمه لمبدأ التوحيد والعبادة.
- من خلال التعمق في قدرة الله وعظمته، يدرك المؤمن أن الله كامل في صفاته، كما جاء في قوله تعالى: (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم).
- يساعد العلم على تعزيز الصحة العقائدية والعبادات، من خلال توضيح ما هو صحيح وما ينبغي تجنبه.
- يعتبر العلم عبادة تقود لتحقيق رضا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
- يُعَد العلم وسيلة للوصول إلى الغايات المنشودة، حيث يسهل الله لمن يسعى إليه طريق الجنة، كما ورد في الحديث الشريف: (من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة).
فوائد أخرى لطلب العلم
-
يساهم طلب العلم في تعزيز خشية الله تعالى في قلب المؤمن.
- يدفع ذلك الشخص إلى التواضع والتواصل بحسن مع الآخرين، كما قال الله تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور).
- تظل ثمار طلب العلم قائمة حتى بعد وفاة الشخص، كما ورد في الحديث: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية، أو علم ينتفع به).
- من كانت له رغبة في العلم، ينال مكانة مرموقة في الدنيا ومنزلة عظيمة في الآخرة، كما ذكر تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير).
-
العلم يعود بالنفع الكبير على المؤمن ومجتمعه، خاصةً على الذين ينشرون المعرفة بين الناس.
- كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين).
أحاديث نبوية عن العلم
أعطى الله عز وجل أهمية كبيرة للعلم والعلماء، وأوصى عباده بالحرص على العلم. هناك العديد من الأحاديث التي تؤكد على مكانة العلم، منها:
- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة. وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا إنما ورثوا العلم، فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها).
- وذكر أيضًا صلى الله عليه وسلم: (سلوا الله علما نافعا، وتعوذوا بالله من علم لا ينفع).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طلب العلم فريضة على كل مسلم).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فضل العلم أحب إلى من فضل العبادة وخير دينكم الورع).
أحاديث نبوية عن العلم (متابعة)
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم).
-
أضاف أيضًا صلى الله عليه وسلم: (من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يتعلمه أو يعلمه.
- فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله، ومن جاء لغير ذلك فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره).
-
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا من العباد.
- ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نضر الله امرأ سمع منا حديثًا فحفظه حتى يبلغه غيره فرب حامل فقه ليس بفقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سيأتيكم أقوام يطلبون العلم، فإذا رأيتموهم فقولوا لهم مرحبا مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم واقنوهم).
-
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن مثل ما بعثني الله به عز وجل من الهدى والعلم.
- كمثل غيث أصاب أرضًا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير.
- وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا ورعوا وأصاب طائفة منها أخرى.
- إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه بما بعثني الله به فعلم وعلم.
- ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به).
-
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى هدي كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا.
- ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا).
-
قال رسول الله صل الله عليه وسلم: (مرحبًا بطالب العلم إن طالب العلم لتحفه الملائكة وتظله بأجنحتها.
- ثم يركب بعضهم بعضًا حتى يبلغوا السماء الدنيا من حبهم لما يطلب).