تعريف شامل بمدينة طنجة

مدينة طنجة

مدينة طنجة، عاصمة الشمال المغربي، تُعتبر من أقرب المدن العربية الأفريقية إلى قارة أوروبا. تحتل طنجة مكانة بارزة في المغرب بفضل تعداد سكانها الكبير، بالإضافة إلى المجالات السياسية والصناعية والثقافية والاقتصادية التي تتميز بها. تقع المدينة في شمال المغرب، حيث تطل على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط من الجهة الشمالية الغربية لقارة أفريقيا. تتمتع طنجة بمناخ متوسطي معتدل، حيث يكون الشتاء رطبًا وباردًا، بينما يتسم الصيف بالجفاف والدفء.

تسمية مدينة طنجة

تُحاط مدينة طنجة بالعديد من الأساطير حول أصل اسمها، وكل أسطورة ترتبط بحضارة معينة وقصة فريدة. إحدى الأساطير تُشير إلى أن المدينة تأسست إثر طوفان بحري، مما أدى إلى صراع بين الرمز البحري القوي أطلس والعملاق أنطي، حيث تعتبر طنجة أرملة أنطي الذي قتل على يد أطلس. كما يُعتقد أن اسم طنجة يرتبط بطوفان نوح كما ورد في الكتب السماوية. هناك قصة أخرى تقول إن المدينة سُمّيت تيمُّنًا بإحدى الأميرات تكريمًا لها.

يُعتبر اسم طنجة في اللغة العربية هو الاسم المتداول للمدينة في العصر الحديث، ويعود أصله إلى المراجع الإسلامية القديمة والفتوحات الإسلامية التي شملت أراضي المغرب العربي والأندلس. لكن هذه المراجع لا تُوضح المعنى الدقيق للاسم. وردت كلمة “طنوج” في معجم لسان العرب بمعنى الأسفار، ولا يوجد توضيح محدد في اللغة الأمازيغية لمصطلح طنجة. بينما تُشير الكتابات اللاتينية القديمة على النقود الفينيقية إلى الاسم Tingis، في حين ترى بعض الأراء أن أصول الاسم ربما تعود إلى كلمة “تنكَ” المستخدمة للإشارة.

تاريخ مدينة طنجة

ساهم الموقع الاستراتيجي والتاريخي لمدينة طنجة في جعلها نقطة رابط بين العديد من الحضارات على مر العصور، حيث خضعت للاحتلال من قبل عدة شعوب، مثل الوندال، والفينيقيين، والرومان، وغيرهم. تحتوي طنجة على العديد من المواقع الأثرية التي شهدت على وجود هذه الحضارات. في عام 711م، شهدت المدينة الفتح الإسلامي لتصبح ممرًا رئيسيًا لعبور جيش المسلمين إلى إسبانيا بقيادة طارق بن زياد، مما أسفر عن فتح الأندلس.

في عام 1471م، لعبت طنجة دورًا محوريًا في التبادل التجاري بين البرتغال والعرب، مما أثار اهتمام الدول الأوروبية التي كانت تسعى لاحتلال المغرب. وقد سيطرت إنجلترا على المدينة خلال فترة حكم الأمير تشارلز الثاني، حتى تحولت إلى مرفأ للسفن نتيجة وجود القراصنة. لكن طنجة استعادت تدريجيًا أهميتها السابقة.

بين عامي 1911م و1912م، وُقِع بروتوكول دولي للمدينة، وبحلول عام 1923م، أصبحت طنجة منطقة دولية، حيث حُكمت بناءً على اتفاقية عام 1925م التي وُقعت بين مجموعة من الدول الكبرى وسلطان المغرب. في عام 1929م، اتفقت فرنسا وإسبانيا وإنجلترا على صياغة اتفاقية مشتركة لإدارة المدينة، بيد أن إسبانيا سعت إلى الحفاظ على السيطرة على طنجة، مما أدى إلى تجاوزها لبنود الاتفاقية. وفي عام 1956م، ألغت إسبانيا البروتوكول الدولي وكانت طنجة قد عادت لتصبح إحدى المدن المغربية. في العصر الحديث، تُعتبر طنجة من أهم المدن الثقافية والتجارية والزراعية والصناعية في المغرب. في عام 1962م، أُسس ميناء تجاري في المدينة، المليئة بالحدائق، الأماكن السياحية، المعاهد التعليمية، والمصانع.

معالم مدينة طنجة

تحتوي مدينة طنجة على مجموعة من المعالم التاريخية الهامة، بما في ذلك الحصون، القصبات، الأسواق، المساجد، الكنائس، والأسوار، وغيرها من المباني التي تشكل ملامح المدينة القديمة والحديثة. فيما يلي أبرز هذه المعالم:

  • أسوار طنجة العتيقة: تمتد السور على طول 2200م، تحيط بخمسة أحياء من المدينة القديمة، وهي بني إيدر، جنان قبطان، القصبة، واد أهردان، ودار البارود. تم إنشاء هذه الأسوار على بقايا أسوار مدينة تينجيس الرومانية، وقد خضعت لعدة أعمال بناء وترميم من عام 1661م إلى عام 1684م خلال فترة الحكم الإنجليزي. في القرن الثامن عشر، أُضيفت عدة أبراج على هذه الأسوار.
  • قصر القصبة: المعروف أيضًا باسم دار المخزن، يتمتع بموقع استراتيجي في الجزء الشرقي من القصبة، وقد بُني بناءً على أوامر السلطان مولاي إسماعيل في موقع قلعة إنجليزية قديمة ويحتوي على مسجد وحدائق ومرافق أخرى، وتحول في عام 1938م إلى متحف.
  • الجامع الكبير: يقع بالقرب من سوق الداخل، وقد تحول إلى كنيسة خلال فترة الاحتلال البرتغالي للمدينة، ولكن عاد ليكون مسجدًا في عام 1684م بعد الكثير من أعمال الترميم والتوسيع، ويشتهر بالزخارف من الفسيفساء والنقوش.
  • مسجد الجديدة: يُعرف أيضًا باسم جامع النخيل، يتميز بمنارته المزينة بزخارف فنية.
  • السفارة الأمريكية: تُعد أول مبنى مملوك للولايات المتحدة في المغرب، حيث تم تقديمه كهدية من السلطان مولاي سليمان الأول في عام 1821م، واستخدمت سفارةً للولايات المتحدة لمدة 135 عامًا حتى تحولت إلى متحف فني معاصر عام 1976م.
  • الكنيسة الإسبانية: اشتراها السلطان محمد بن عبد الله من عائلتين يهوديتين في عام 1760م، وقدمت هدية للسويد حيث أنشأت قنصليتها، واستخدمها الحاكم الإسباني لاحقًا كمقر للإقامة وبناء كنيسة فيها.
Scroll to Top