القيم في العصر الحديث
تواجه مجتمعاتنا المعاصرة تحديات كبيرة تتمثل في غياب العديد من القيم التي تُوجه سلوك الأفراد. فقد أصبحنا نشهد سلوكيات وأفعالاً تفتقر إلى معايير القيم والمبادئ التي اعتمدها الناس لعقود طويلة، والتي استندت إلى الأخلاق والفضائل المستمدة من الشرائع السماوية التي أنزلها الله تعالى على أنبيائه. لذا، ما هي القيم وما معانيها؟ وما هي أبرز القيم التي تؤثر في حياتنا وآثارها على الأفراد والمجتمعات؟
مفهوم القيم
تتعلق القيم بكل سلوك أو فعل أو اعتقاد يحمل قيمة إيجابية. وتعتبر القيم بمثابة المعايير التي تقيم سلوكياتنا وقياس مدى اقترابنا أو ابتعادنا عنها. فمثلاً، يُعتبر الصدق قيمة نبيلة في المجتمع، ولإثبات صدق إنسان ما، يجب أن يتجلى في تعاملاته وسلوكياته وأقواله من خلال التطبيق الفعلي لهذه القيمة، وليس مجرد الكلام. تتفاوت القيم من مجتمع لآخر بناءً على التقاليد الاجتماعية والثقافية والأخلاقية، ولكن هناك قواسم مشتركة تجمع بين جميع المجتمعات. فلا يمكن تصور أن الأمانة قيمة في مجتمع بدون آخر. من بين القيم المعروفة نجد الصدق، التواضع، الأمانة، التسامح، والعفو، وغيرها.
التأثيرات المترتبة على القيم في الفرد والمجتمع
تمتلك القيم تأثيرات إيجابية عديدة على الأفراد والمجتمعات، نذكر منها:
- تعزيز مكانة الإنسان ورفع قيمته بين الناس، فالشخص الصادق يجذب حب الآخرين من خلال صدق حديثه وسلوكياته، بينما الشخص المتواضع يجد حوله الكثير من الأصدقاء بسبب دماثة أخلاقه.
- تشكل القيم مرجعًا يُرجع إليه الأفراد عند اتخاذ القرارات، إذ بدون القيم يصبح الفرد بلا بوصلة توجهه أو ضوء يرشد خطواته. فالقيم تحدد بوضوح السلوكيات التي تُعتبر صحيحة وتلك التي تعتبر منحرفة، مما يساعد في تحقيق توازن بين الخير والشر.
- تعتبر القيم وسائل توصل إلى رضا الله سبحانه وتعالى والجنة، فالملتزم بالقيم والفضائل يكون غالبًا قريبًا من الله، إذ أن معظم هذه القيم مستمدة من تعاليم الرحمن، والالتزام بها يحقق بلا شك رضا الله ويكسب الفرد الجائزة الكبرى وهي الجنة.
- على مستوى المجتمعات، فإن القيم تعزز العلاقات الإنسانية وتُشجع على روح المحبة والثقة بعيدًا عن الأزمات والخلافات. كما تعمل كعنصر داعم لرفعة المجتمعات نحو التقدم والرقي، حيث أن العديد من الحضارات تراجعت عن مسار التطور حين تخلت عن قيمها ومثلها العليا.