تقديم شامل لسورة الإنسان في القرآن الكريم

تعريف بسورة الإنسان

تُعتبر سورة الإنسان السورة السادسة والسبعون في ترتيب المصحف الشريف، وتحتوي على إحدى وثلاثين آية. لهذه السورة عدة أسماء، إذ تُعرف بسورة الدهر، والأمشاج، والأبرار، وبدأت بآية “هل أتى على الإنسان”. وقد ورد عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في صلاة الفجر بسورتي “السجدة” و”هل أتى على الإنسان”، ولكن الاسم المعتمد لها هو سورة الإنسان.

تصنيفها: مكية أم مدنية؟

تناول العلماء مسألة تصنيف سورة الإنسان، حيث تنوعت آراؤهم حولها كالتالي:

  • الرأي الأول: اعتبرها عطاء، وابن يسار، ومقاتل، والكلبي، وابن عباس بأنها سورة مكية.
  • الرأي الثاني: أوضح الجمهور، مثل مجاهد وقتادة، أنها سورة مدنية بالكامل.
  • الرأي الثالث: ذكر الحسن وعكرمة أنها مدنية باستثناء آية واحدة، وهي: “فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً”.
  • الرأي الرابع: أشار الماوردي إلى أن بداية السورة مدنية حتى الآية: “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلًا”، بينما بقية السورة تعتبر مكية.

صلة السورة بما قبلها

هناك عدة أوجه توضح ارتباط سورة الإنسان بالسورة السابقة:

  • تناولت سورة القيامة العديد من الأدلة التي تثبت قدرة الله -تعالى-، وإمكانية البعث ووقوع يوم القيامة، حيث تدور جميعها حول الإنسان وأعماله، فهو من يُحاسب ويُجازى. لذلك، جاءت سورة خاصة باسم “الإنسان” كمرآة للناس لمراجعة أنفسهم ومعرفة مسار حياتهم، ومخافة يوم الحساب.
  • بدأت السورة السابقة بذكر خلق الإنسان من نطفة، ثم المفاضلة بين الرجل والمرأة، بينما تناولت سورة الإنسان خلق آدم، أبو البشر، واصفَةً له بأنه سميع بصير، مع التنبيه حول انقسام البشر إلى شاكر وكافر.
  • في سورة القيامة، تم تقديم وصف مختصر للجنة والنار، بينما فصلت سورة الإنسان هذه الأوصاف وأبرزت تفاصيل الجنة ورحمات الله.
  • ذكرت سورة القيامة الأهوال التي سيواجهها الكفار يوم القيامة، في حين نوّهت سورة الإنسان بجزء الأبرار من النعيم الذي ينتظرهم.

أهداف سورة الإنسان

تتضمن سورة الإنسان العديد من الأهداف المهمة، ومنها:

  • تذكير الناس بنعم الله -تعالى- عليهم.

فالله -تعالى- خلق الإنسان من نطفة ومنحه السمع والبصر وهدايته إلى الطريق الصحيح. ومن يطيع الله سيحصل على نعيم دائم عظيم، بينما الذي ينكر نعم الله ويستمر في الكفر سيواجه عواقب سيئة.

  • تأكيد أن هذا القرآن هو وحي من عند الله -تعالى-.

كما أمر الله -تعالى- رسوله -صلى الله عليه وسلم- وأمته بالصبر وذكره في أوقات الصباح والمساء، بينما يُدخِل الله من يشاء في رحمته، ويُعدّ للظالمين عذابًا أليمًا.

محتوى السورة

تناولت سورة الإنسان مجموعة من الموضوعات التي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

  • اهتمت السورة بالأحاديث المتعلقة بأحوال الآخرة، خاصة نعيم الأبرار في المنزل الحقيقي والخلود.
  • بدأت السورة بمسألة بدء خلق الإنسان وتزويده بحواسه وهداه للطريق، ثم تطرقت إلى انقسامه إلى فئتين: الشاكرين والجاحدين، مع الإشارة إلى مصير كلٍ منها.
  • أشادت بأعمال الشاكرين مثل الوفاء بالنذر وإطعام الطعام لوجه الله، مع ذكر ما أعده لهم الله من جنات وثواب وكرم.
  • سلطت الضوء على مصدر نزول القرآن، وأمرت النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصبر الجميل وذكر الله -تعالى-، خاصة في الليل.
  • تطرقت السورة إلى مسألة حب الدنيا على حساب الآخرة، محذرة المشركين من مغبة الإنكار والعناد.
  • اختتمت السورة بالنداء للناس للإيمان والعمل بما جاء في القرآن، حيث أنه بمثابة تذكرة وموعظة للبشرية.
Scroll to Top