القضايا الرئيسية في الفلسفة الحديثة
فيما يلي، نستعرض أبرز القضايا التي تناولتها الفلسفة الحديثة:
العلوم الحديثة والمنهج العلمي
يُعتبر فرنسيس بيكون أحد الفلاسفة البارزين في تاريخ الفلسفة الحديثة، حيث أسهم في وضع الأسس النظرية للعلوم الطبيعية وبلورة المنهج الاستقرائي التجريبي، الذي شكل نقلة نوعية في مسيرة الفلسفة. وقد نشأت الحاجة إلى تأسيس إطار جديد، حيث تبلورت العلوم التجريبية والطبيعية بشكل متمايز عن الفلسفة التقليدية.
كانت المهمة الأساسية للعلم في الفلسفة اليونانية تتمثل في تصنيف الموجودات وفقًا لأجناسها وأنواعها المتعددة، مما يعني التركيز على النظرية العلمية. ومع قدوم فرنسيس بيكون، انتقلت العلوم الحديثة إلى محاولة فهم الظواهر الطبيعية وتحليل المشكلات إلى عناصرها الأولية، بما يتيح التنبؤ بالمستقبل واستقراء المعلومات.
تعتبر التجربة الوسيلة الأساسية لفهم الظواهر الطبيعية والسيطرة عليها، وقد وضع بيكون مجموعة من المبادئ التي ترسم معالم البحث العلمي، ومن بين هذه المبادئ:
- تنويع التجارب وعدم الاعتماد على تجربة واحدة كمصدر وحيد للملاحظات.
- تكرار التجربة للتحقق من صحتها.
- توسيع نطاق التجربة، أي استكشاف تجربة جديدة بناءً على تعديل بعض العناصر في التجربة السابقة.
- قلب التجربة، لمعرفة المصادر الحقيقية لخصائص المادة وكيفياتها.
الشك المنهجي
يُعرف التفكير الفلسفي بأنه عملية منهجية تمر بمراحل متعددة، وقد قام الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت بتطوير منهج الشك الذي يختلف عن الشك الفلسفي الذي ساد في العصور الماضية. حيث كان الشك الديكارتي ليس شكًا مطلقًا أو مفرطًا في عدم اليقين، بل سعى إلى تحقيق المعرفة الحقيقية المبنية على أسس علمية. ومن ثم، يجب على العقل البشري التخلص من الأحكام السابقة لإعادة تقييمها وتبنيها من جديد.
شمل الشك الديكارتي جميع مصادر المعرفة، وخاصة الحواس، حيث تعرّضت الذات لمخاطر الزلل وظهرت الأشياء بعكس ما هي عليه. ومن خلال هذا الشك، توصل ديكارت إلى كوجيتو “أنا أفكر، إذًا أنا موجود”، والذي يُعد الأساس الذي بُنيت عليه الفلسفة الحديثة.
الليبرالية
عرّف الفيلسوف موريس كرانتستون الليبرالية بأنها الإيمان بالحرية، وأقرّ معظم الليبراليين بأن الحرية تمثل الأولوية الأساسية لأي نظام سياسي. وتفترض نظرية العقد الاجتماعي في الفلسفة الحديثة، وبخاصة تلك التي تبناها جون لوك، أن الإنسان يتمتع بحقوق طبيعية تشمل الحرية الكاملة في تنظيم أفعاله دون الحاجة إلى تدخل خارجي، حيث أن مصدر هذه الإرادة هو الفرد نفسه.
عند صياغته لنظريته في الليبرالية، أخذ جون لوك في الاعتبار أن وظيفة السلطة السياسية هي حماية الحريات الفردية، مع الالتزام بعدم التعدي عليها. ومع ذلك، ينبغي على السلطة فرض قيود تضمن حماية الأفراد من انتهاكات بعضهم البعض تحت مظلة الحرية.
وقد أشار جون لوك إلى أهمية الحرية بعبارة مفادها: “لكل فرد الحق ذاته، غير القابل للتصرف، في الاستفادة من آلية تضمن الحقوق والحريات الأساسية للجميع على قدم المساواة”.