تفسير آية (ضربت عليهم الذلة والمسكنة)
معاني الكلمات في الآية
الذلة
تشير كلمة الذلة إلى الخضوع والاستكانة، وهي تعبر عن حالٍ من الوهن الذي يتعارض مع العز. فالعز يدل على الجرأة والحكمة، بينما الذل يُظهر الضعف والصغار. ويُظهر اللفظ هنا الحالة التي تلازم الشخص، إذ تعني الذلة في هذا السياق الافتقار إلى الكرامة.
المسكنة
المسكنة تعود إلى أصل كلمة مسكين، ويستخدم هذا اللفظ للتعبير عن الفقر والحاجة. يُمكن القول إن المسكنة تشمل جوانب الخضوع والعوز، حيث يرسم الفقر سمات الذل على أصحاب الحاجة. وتُشتق المسكنة من السكون، بما أن الفقر يقلل من حركة وسلوك الفقير. كذلك، تعكس المسكنة الضعف في الصور المختلفة.
التفسير الإجمالي للآية
تتناول هذه الآية الكريمة في الواقع حالة يهود بني إسرائيل، حيث جعلهم الله -عز وجل- في حالة من الذل والمسكنة. لقد فقدوا القوة والعزم، وعانوا من الفقر والاحتياج. يوضح الله -تعالى- من خلال ذلك أنه يدير شؤونهم، فيُبدل عزهم ذلاً، ونعمتهم بؤسًا، كعقوبة لهم نتيجة كفرهم بآياته واعتداءاتهم على أنبيائه ورسله.
فقد تضمنت الآية محنة الذلة والمسكنة التي طالتهم، ويظهر هؤلاء في حالة ضعف وهوان، وهذا الحال جاء نتيجة لقدرٍ أُوفي به عليهم. وإذا نظر المرء إليهم، سيراهم خاضعين مستذلين، كما قال الضحاك عن ابن عباس، حيث أشار إلى أن الذلة كانت مرتبطة بجزية يدفعونها رغم ما يشعرون به من ضغوط. أكد الضحاك أن المعنى يتجلى في أنهم لم يعد لديهم منعة أو قوة، مما جعلهم يعانون الذل المستمر.
قال كذلك الحسن إنهم يعيشون في ضغوط مستمرة، حتى أن الآخرين، مثل المجوس، فرضوا عليهم الجزية بوجوههم الخاضعة. يوضح المتحدثون مثل أبو العالية والربيع بن أنس، أن المسكنة تعني الفقر، بينما يشير عطية العوفي إلى الخراج، ويعود الضحاك ليشير إلى الجزية التي هم مضطرون لدفعها.
مكان الآية الكريمة في سور القرآن
توجد هذه الآية في الآية 61 من سورة البقرة، والآية 112 من سورة آل عمران. حيث يقول الله -تعالى- في سورة البقرة: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۗ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ).
ويذكر الله -تعالى- أيضًا في سورة آل عمران: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ).