تعتبر مقولة “داين تدان ولو بعد حين” من العبارات الشائعة في الوطن العربي، وتشير إلى أن الله لا يُهمل حقوق عباده؛ فكل فعل تُقدمه لأحدهم سيعود إليك في حياتك.
لذا، يجب على كل إنسان أن يتأمل في أفعاله قبل القيام بها، وأن يسعى لفعل الخير من أجل الله، حتى تنعكس تلك الأعمال الإيجابية على حياته.
معنى الحديث كما تدين تدان
تندرج مقولة “داين تدان ولو بعد حين” ضمن الأقوال المستندة إلى الدين الإسلامي. وذُكرت هذه العبارة في قول أبي الدرداء رضي الله عنه، وليست حديثًا نبويًا. وفيما يلي ما ورد عن أبي الدرداء ومعناه:
- قال أبو الدرداء رضي الله عنه: “البر لا يبلى، والإثم لا ينسى، والديّان لا ينام، فكن كما شئت، كما تدين تدان”
- تحمل هذه المقولة معنى أنّ الأفعال تتأتى بنتائج مماثلة، إذ إن ما تقوم به في الدنيا سينعكس عليك.
- يوجد العديد من الآيات القرآنية التي تؤكد هذا المعنى.
- من أبرز هذه الآيات قول الله تعالى: “إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ”، وقوله تعالى: “يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ”.
- تتضمن هذه الآيات معاني العدل والمكافأة على الأفعال، إذ تُعتبر هذه المقولة الأكثر شيوعًا.
- تعتبر كما تدين تدان واحدة من الأمثال الشعبية والحكم القديمة المتداولة بين الأجيال.
- وتعد أيضًا من السنن والحكم الإسلامية المدعومة بالشواهد القرآنية والنبوية.
- تجدر الإشارة إلى أن هذه الجملة تُشابه مقولة علمية تُفيد بأن الجزاء من جنس العمل.
- وكل ذلك يعكس أن الله يمنح كل إنسان حقه، فـ”من يعمل مثقال ذرة خيرًا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره”.
المعاني التي تتضمنها مقولة كما تدين تدان
بعد استعراض معاني مقولة “كما تدين تدان”، دعونا نستعرض مضامينها بشكل مفصل على النحو التالي:
- البر لا يبلى: تشير هذه العبارة إلى أن الأعمال الطيبة والمعاملة الحسنة لا تفقد أثرها أبدًا.
- وإن الكلام الجيد يترك أثرًا طيبًا في قلوب الآخرين.
- وربما ينسى الإنسان إحسانه، لكن الله سبحانه وتعالى لا ينسى أعمال عباده الصالحين.
- كما ورد في قوله تعالى: “أحصاه الله ونسوه، والله على كل شيء شهيد”.
- فإن إحسان العبد لا يُهمل أبدًا، وسيُجازى الله المحسنين بالحسنات.
- الذنب لا يُنسى: جاءت هذه الجملة لتُشير إلى أن الذنب لا يُغفل عنه الله تعالى، وأن العقاب مرتقب.
- يجب أن يُحاسب الإنسان على الذنب الذي ارتكبه في حياته.
- إذا نسي الإنسان ذنبه ولم يتب عنه، فقد يكون هذا سببًا لفقدان النعم وجلب البلاء.
- وفي قوله تعالى: “لا يضل ربي ولا ينسى”.
معنى كلمة الديان لا ينام
الديان هو الذي يجازي العباد على أعمالهم، وهو الحاكم بين الناس.
ويُعتبر الديان من أسماء الله تعالى، وهو القهار العادل الذي يحكم بين العباد.
سوف يُحاسب الله جميع العباد على أعمالهم، ويعيد حقوق المظلومين، ويجازي كل إنسان حسب عمله.
ويحكم بالعدل ولا يُقبل ظلم أحد؛ كما جاء في أحد الأحاديث القدسية: “يا عِبَادِي إنَّما هي أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاهَا، فمَن وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَن وَجَدَ غيرَ ذلكَ، فلا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ” حيث يُظهر أن الله قادر على حفظ حقوق عباده.
حق العباد عند الله لا يضيع، وسيُجازي كل إنسان بما يستحقه في الدنيا والآخرة.
مقولة داين تدان ولو بعد حين (بعد التوبة)
إن الله لا ينسى حقوق العباد ولا يرضى بالظلم، وهو قادر على أن يعوض المظلومين بالخير.
حيث إنه يقبل التوبة النصوحة من العباد الذين ارتكبوا أعمالًا غير صالحة.
يمكن الإشارة هنا إلى المقولة المعروفة “الجزاء من جنس العمل”.
إذا قام الإنسان بعمل خير فسوف يُجزى به في الدنيا.
أما من يسلك عكس ذلك، فقد يتمثل أثر ذلك فيما يقوم به من أفعال في حياته، كما ورد في قوله تعالى: “فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ”.
وفقًا للأحاديث النبوية، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.”
والذي يُيسر على معسر يُيسر الله عليه في الآخرة، ومن يستر مسلمًا، ستُستر عليه في الدنيا والآخرة.
الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
لكن يمكن أن تتجلى نقمة الله على العبادي في أوقات مختلفة؛ إذ إنه غفور يحب العفو.
ويسامح الكثير من الذين يرتكبون الذنوب.
فإن تاب العبد بصدق واستقام في حياته، وقد يشعر بالندم على ذنبه، فإنه قد يقبل الله توبته.
داين تدان وتفسير آية من يعمل مثقال ذرة خيرًا يره
قال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة الزلزلة: “يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ” وهذه الآية تُعد دليلًا على مقولة “كما تدين تدان”، وفيما يلي تفسير الآية الكريمة:
- تشير الآية إلى أن من يقوم بعمل الخير حتى وإن كان بحجم ذرة، سوف يحظى بجزاء وثواب عظيم في الدنيا والآخرة.
- بينما من يرتكب مثقال ذرة من الشر سوف يعاقب ويُجازى على هذا العمل في الدنيا والآخرة.
- كما يفسر العديد من العلماء هذه الآية.
- يُعلم الله سبحانه وتعالى بأن كل ما يعمله الإنسان من خير أو شر سيُعرض عليه يوم القيامة.
- وبإمكانه غفران الذنوب للمؤمن التائب.
- أما الكافرين فسيجدون جزاء أفعالهم في الدنيا.
- وقد قال بعض المفسرين أن العقاب للمؤمنين الذين ارتكبوا الشر قد يُعجل لهم في الدنيا.
- فقد يتعرضون للبلاء في أنفسهم، أو في أموالهم، أو في أهليهم.
- أما عند الموت، فقد لا يبقى للمؤمن أي ذرة من الشر.
- ويُخَلّص الله حسنات المؤمنين ليوم الدين، بينما يُعجل ثواب الكافرين في الحياة الدنيا.
- وفي لحظة الموت، قد لا يكون عند الكافر أي عمل صالح.
- ويؤجل الله سبحانه وتعالى عقاب الكافرين إلى يوم الحساب.
- لهذا، يجب على كل إنسان أن يتجنب الظلم وأن يتبع الأعمال الصالحة.
- لذا، يجب عليه الاستغفار والتوبة دائمًا.
- فإن ظُلم الناس يُعد من أكبر المعاصي، ولا يُحب الله تعالي الظلم.