الزواج في الإسلام
يمكن تعريف الزواج في اللغة بأنه وطء الزوجة، وفي العرض الاصطلاحي هو عقد يُبرم بين الرجل والمرأة بهدف إنشاء أسرة سليمة والاستمتاع بكل منهما لدى الآخر وفق ما أباحه الله تعالى. وبشكل عام، يُعتبر النكاح مشروعًا، ولكنه يختلف في حكمه حسب الظروف، ففي بعض الحالات قد يصبح واجبًا، خصوصًا عندما يخشى الرجل على نفسه من الوقوع في المحرمات في حالة عدم الزواج. ومن المهم أن نذكر أن النكاح يتطلب مجموعة من الشروط، بينها رضا الطرفين المعنيين بالعقد وموافقة وليّ المرأة. وقد حث الإسلام على زواج المرأة التي تتمتع بجمال جسدي ومعنوي؛ حيث يشمل الجمال الجسدي الهيئة الظاهرة والذكاء العقلي، بينما يتعلق الجمال المعنوي بسمات الخلق والدين، فكلما زاد الدين تحسنت صفات الجمال.
هناك عدة حكم للزواج، منها: حماية الرجل والمرأة من الفواحش والمحرمات، الحفاظ على الروابط الاجتماعية والعائلية، وتقوية العلاقات بين الأسر والقبائل، حفظ النوع البشري من خلال تكاثر النسل، فضلًا عن تمتع كل طرف بالحقوق والواجبات التي أوجبها الله على كل منهما.
تعدد الزوجات في الإسلام
أباح الله تعالى للرجل المسلم تعدد الزوجات، حيث يمكنه الزواج من امرأة واحدة أو اثنتين أو ثلاث أو أربع، ولا يجوز الزيادة على أربع نساء بإجماع الفقهاء. وقد استندت شريعة التعدد إلى قوله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ). ومن الضروري توضيح أن تعدد الزوجات يتطلب شروطًا معينة، أهمها العدل بين الزوجات، كما أكد الله تعالى بقوله: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ). ويُقصد بالعدل المساواة في النفقة والمبيت والكسوة، وليس في المشاعر، كما أوضح الله تعالى: (وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ). بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتوفر لدى الرجل القدرة على الإنفاق على الزوجات، كما يفيد قوله تعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ)، مما يُشير إلى وجوب العفة في حالة عدم القدرة المالية.
الحكمة من التعدد
لقد وضع الله تعالى منهجًا شاملًا لمتابعة حياة الأفراد، حيث لم تترك الشريعة الإسلامية أمرًا يتعلق بحياة الناس إلا وضعت له أطرًا تنظيمية. يتسم هذا المنهج الرباني بواقعيته وقدرته على التطبيق في كل زمان ومكان، حيث يقدم حلولاً عملية لمشكلات الأفراد والمجتمعات. ومن الآراء الشرعية التي نظرت إليها الشريعة الإسلامية لمصلحة الأفراد والمجتمع حكمة تعدد الزوجات، حيث أن السماح بالزواج بأكثر من امرأة يعود بمنافع متعددة تشمل الرجال والنساء والمجتمعات، ومنها:
- صيانة وكرامة المرأة: حيث أن التعدد يوفر مصلحة للنساء نظرًا لأن عدد النساء غالبًا ما يفوق عدد الرجال. لذلك، فإن زواج الرجل بأكثر من امرأة يمنع من وجود نساء عازبات في المجتمع.
- رعاية الزوجة في الظروف المرضية: قد تمر النساء بأوقات مرض أو عقيمة، وهنا يُفضل الكثير منهن أن يبقى الزواج قائمًا بدلاً من الطلاق.
- مساعدة النساء اللائي يتطلبن الدعم: فربما تكون المرأة ذات صلة بالرجل، كأرملة لديها أطفال، وزواج الرجل بها يُعد شكلًا من أشكال المعونة.
- مراعاة الفوارق الطبيعية: فالرجل يمكث قادرًا على الإنجاب حتى بعد سن السبعين، بينما تستطيع النساء الإنجاب حتى سن معين.
- معالجة القوة الجنسية: بعض الرجال يمتلكون قدرة جنسية كبيرة، ولأن المرأة قد تمر بمراحل ليست فيها قادرة على العلاقة، فإن الإسلام يتيح الزواج من نساء أخريات في مثل هذه الظروف.
- استجابة لطبيعة العمل: فبعض الرجال يقومون بأعمال تتطلب السفر لفترات طويلة، وفي هذه الحالة يُحدد الإسلام تعدد الزوجات لضمان عدم وقوع الرجل في المحرمات.
- تقليل حالات الطلاق: إذا كانت هناك مشكلات كبيرة بين الزوجين، فإن الزواج بدلًا من الطلاق يمكن أن يحفظ سلام الأسرة.