ما هو التفكير النقدي؟
يعتبر مصطلح التفكير النقدي (بالإنجليزية: Critical thinking) من الأبعاد المعقدة التي لم يتفق علماء النفس على تعريف واحد لها. فقد تم تعريف هذا المفهوم من قبل الفلاسفة والعلماء بطرق مختلفة، وسنستعرض بعض من هذه التعريفات في الفقرات التالية.
التفكير النقدي عند الفلاسفة والعلماء
فيما يلي بعض التعريفات المتعلقة بالتفكير النقدي وفقًا لفلاسفة وعلماء مختلفين:
- الفيلسوف جون ديوي: عرَّف التفكير النقدي بأنه نوع من التفكير التأملي.
- إدوارد جليسر: رآى أن التفكير النقدي يتضمن أخذ عامل الخبرة بعين الاعتبار، والذي يتكون لدى الفرد من خلال التجارب والصعوبات التي مر بها، بالإضافة إلى معرفته بمناهج الاستقصاء والأساليب المنطقية، وقدرته على تطبيق هذه المعرفة.
- الباحث روبرت إنيس: عرَّف التفكير النقدي بأنه تفكير عقلاني وتأملي يركز على القرار الذي يجب اتخاذه في موقف معين.
- ديانا هالبرن: اعتبرت أن التفكير النقدي هو نمط من التفكير المنهجي الذي يستعمل المهارات المعرفية وطرق الاستدلال لتحديد الاحتمالات الممكنة، مما يساعد في الوصول إلى نتائج تسهم في اتخاذ القرارات الصحيحة.
التفكير النقدي حسب المجلس الوطني للتفكير النقدي
وفقًا لما عرَّفه المجلس الوطني للتفكير النقدي، يُعرَّف التفكير النقدي بأنه عملية عقلية منظمة تشمل استيعاب المعلومات وتحليلها وتقييمها، وذلك استنادًا إلى ما تم استنتاجه من خلال التجارب أو الملاحظة، أو من خلال الاتصال الاجتماعي. النموذج المثالي لهذه العملية يعتمد على قيم فكرية عالمية مثل الوضوح، والدقة، والاتساق، والملاءمة، والعمق والدلائل الصحيحة.
التفكير النقدي وفقًا للدكتور معن زيادة
عرَّف الدكتور معن زيادة التفكير النقدي بأنه مجموعة من المهارات التي تمكن الفرد من التحليل الموضوعي للأخبار والبيانات، مما يسمح له بالتمييز بين الفرضيات والحقائق والآراء بطريقة منطقية وواضحة.
التفكير النقدي عند بيتر آي فاسيون
تنوعت آراء بيتر آي فاسيون حول التفكير النقدي، حيث اعتبره يتضمن نوعين من المهارات: المهارات الوجدانية والمفاهيمية، وعرَّف المهارات المفاهيمية بأنها تمثل جوهر المهارات الوجدانية، وتشتمل على:
- التفسير: يتطلب تصنيف المعلومات وتلخيص النتائج.
- التحليل: يتضمن فحص الآراء وكشف الحجج وتحليلها.
- التقييم: يتوازن بين ادعاءات الحجج والأدلة.
- الاستدلال: يتطلب تتبع الأدلة واختيار البدائل المحتملة والنتائج.
- الشرح: يشمل توضيح النتائج وتبرير الإجراءات.
- تنظيم الذات: يرتبط بتقويم الذات وإدارتها.
أهمية التفكير النقدي
تنبع أهمية التفكير النقدي من قدرته على تشكيل طريقة موضوعية في الحكم على الأمور، من خلال طرح الأسئلة لتحسين الرؤية الكلية، وإجراء المقارنات بين الخيارات المتاحة، ودراسة الحقائق المختلفة لتحديد الاستنتاج الصحيح. بالإضافة لذلك:
- يعتبر التفكير النقدي ميزة رئيسية في مختلف المجالات العلمية، حيث تساهم القدرة على التفكير بوضوح في حل المشكلات بشكل منهجي.
- يلعب دورًا محوريًا في الاقتصاد المعرفي الجديد الذي يعتمد على المعلومات والتكنولوجيا، حيث يسهم في التعامل مع التغييرات السريعة بشكل فعال.
- يعزز مهارات اللغة وأساليب التعبير عن الأفكار، مما يؤدي إلى تحسين الفهم الفردي والتعبير عن الذات.
- يسهم في تحسين الإبداع والابتكار في حل المشكلات، وزيادة القدرة على التفكير النقدي.
- يعتبر أداة لتطوير الذات، ودراسة القيم، والأفكار، والقرارات الشخصية.
- يعتبر قاعدةً للعلم والديمقراطية من خلال دعمه للمنطق والتحليل.
خصائص التفكير النقدي
تتجلى خصائص التفكير النقدي في عدة جوانب، منها:
- التحليل المستمر: يتطلب الشك في المسلمات وعدم الوصول إلى حالة من الثبات.
- التفاعل مع المحيط: تتباين مظاهر التفكير النقدي حسب ظروف الفرد الاجتماعية والشخصية.
- ارتباطه بالانفعالات: يترافق مع مشاعر مثل القلق والخوف عند إعادة تقييم الأمور.
- نتائج إيجابية وسلبية: تؤثر الظروف الصعبة أو المحفزات الإيجابية في التفكير النقدي.
معوقات التفكير النقدي
تواجه عملية تعليم التفكير النقدي العديد من المعوقات، مثل:
- عدم وجود تقييم مناسب للعملية الفكرية.
- الغموض في مفهوم التفكير النقدي وصعوبة قياسه.
- غياب منهجية منظمة لتعليم التفكير النقدي.
- التهديد الذي قد يتعرض له الفرد نتيجة ممارسة التفكير النقدي.
- نقص تدريبات المعلمين على شكل التفكير النقدي.
علاقة التفكير النقدي بأنواع التفكير الأخرى
التفكير النقدي يُعتبر جزءًا أساسيًا من التفكير العالي، حيث يمكن تصنيفه إلى نوعين رئيسيين؛ التفكير الروتيني والتفكير المتقدم. ويُظهر التفكير النقدي تداخلًا مع مجالات أخرى مثل التفكير الإبداعي، اتخاذ القرار، وحل المشكلات، مما يجعله أداة رئيسية في تطوير الفهم والتفاعل مع المعلومات.
توفير مهارات التفكير النقدي يعد أمرًا ضروريًا لجميع أفراد المجتمع، وذلك ينطبق عليهم بغض النظر عن العمر أو الخلفية الثقافية، مما يساهم في تحقيق استقلال فكري ووعي اجتماعي–سياسي.