كيف يمكنني إكرام ضيوفي؟
الضيف هو الشخص الذي يقصد منزلاً بحثًا عن الإكرام وتلبية احتياجاته، وكما يُقال قديمًا: “الضيف هو ضيف الله”، مما يستوجب على المضيف أن يُظهر له كرمًا بالغًا، فلا يشعر الضيف بالوحدة أو الغربة، بل يكون كمن يتشارك مع المضيف في همومه وأفراحه. لذلك، ما هي أبرز مظاهر إكرام الضيف؟ الأسلوب الأول يتمثل في الابتسامة والترحيب الحار، حيث ينبغي للمضيف أن يكون بشوشًا ليظهر احترامه وتقديره للضيف، ناكرًا أي شعور بالفظاظة أو الإزعاج مهما كان تصرف الضيف.
أما المظهر الثاني من مظاهر إكرام الضيف، فهو تقديم أفضل ما يتوفر من الطعام والشراب. فلا يجب أن يُقدم له أشياء لا تناسب حالته أو رموز كرم الضيافة، كالخل حين يتوافر اللحم، أو الماء عندما يكون هناك فواكه. أما إذا كان الضيف فقيرًا، فإنّ أجود ما يقدّم هو ما يصلح للتناول بحضوره. فعلى سبيل المثال، كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد مدح الخل حين دعاه فقير لتناوله، لكنه ذمه في حال تقديمه من أغنياء. لذلك، يجب على المضيف اختيار أفضل ما لديه بما يتوافق مع الضيف.
ليس الضيف بحاجة إلى الطعام والترحيب فقط؛ بل يتطلب أيضًا كلمات لطيفة وأحاديث مبهجة. في العصور القديمة، كان السفر طويلاً، مما يجعل الحاجة إلى الأنس في الطريق أمرًا ضرورياً، لذا كانت هناك عبارة تُقال “أتحملني أم أحملك”، والتي تدل على أهمية المحادثات اللطيفة بينهم.
ما العلاقة بين إكرام الضيف والتكافل الاجتماعي؟
عندما يشعر الضيف بالترحاب والأنس، تزيد قيمته في عين من استضافه. وهذا يعكس العلاقة الوثيقة بين إكرام الضيف والتكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع. كما أن تقديم الهدايا والتعامل الحسن يترك أثرًا إيجابيًا في النفوس، فالمضي في إكرام الضيف يعود بفوائد نفسية واجتماعية، تساهم في تحسين سمعة المضيف في الدنيا والآخرة. وفي الآخرة، يحصل المضيف على جزاء عظيماً من الله تعالى عن أعماله الصالحة.
من بين النتائج الإيجابية لإكرام الضيف هو كسب قلوب الناس. بالفعل، إن القلب قابل لكل جميل، ويستطيع الإنسان أن يربح ودّ الآخرين من خلال الحديث اللطيف وإظهار مظاهر الكرم المختلفة. فللرجل الكريم مكانة اجتماعية مرموقة، بينما ينفر الناس من البخيل. فقد وثّق الجاحظ حالات البخل في كتابه “البخلاء”، مما يعكس عادة الناس على نبذ هذه الصفة. لذا يجدر بالشخص أن يتجنب هذه السلوكيات السلبية.
الرجل الذي يسعى لإرضاء ضيوفه بما يستطيع من موارد، يكسب احترام الآخرين. ولكن يجب الحذر من الخلط بين الكرم والإسراف؛ فالإسراف ليس من الكرم بل هو خطأ كبير، إذ نهى الإسلام عنه. ومن هنا، يجب على المضيف تقدير مقدار الطعام الذي يكفي لضيوفه دون إسراف، مما يمنع هدر الطعام. بل يجب أن تمتد دعوة الإكرام لتشمل الفقراء والضعفاء كما الأغنياء.
كيف كان إكرام الضيف عند العرب؟
ترتبط كلمة الكرم دومًا بالعرب، إذ يُعتبر الكرم إحدى الصفات الأصيلة في ثقافتهم. ومن بين أشهر رموز الكرم في التاريخ العربي هو حاتم الطائي، حيث يُقال عندما نرغب في وصف كرم أحدهم أنه “مثل حاتم الطائي”. كان إكرام الضيف تقليداً مميزًا بين العرب، وكان البخل عاراً يعاني منه الشخص. وقد كانت أسطورة كرم حاتم تُروى على الألسن, حيث يُذكر أنه اعترف بإطعام امرأة في زمن القحط بتقديم فرسه كطعام إلى أبنائها.
تُعتبر قيمة إكرام الضيف عند العرب عالية جدًا، إذ يعتبرون أن إكرام الضيف يعني إكرام النفس والعائلة. وقد أبدع الشاعر حاتم الطائي في التعبير عن هذا المعنى بقوله:
كَريمٌ لا أَبيتُ اللَيلَ جادٍ
أُعَدِّدُ بِالأَنامِلِ ما رُزيتُ
إِذا ما بِتُّ أَختِلُ عِرسَ جاري
لِيُخفِيَني الظَلامُ فَلا خَفيتُ
أَأَفضَحُ جارَتي وَأَخونُ جاري
مَعاذَ اللَهِ أَفعَلُ ما حَيِيتُ
العادات الجميلة مثل إكرام الضيف تستمر عبر الزمن، وتظهر بوضوح في سلوكيات الأفراد، فكلما زاد إيمان الشخص، زادت قيّمه في إكرام ضيوفه.
حقوق الضيف في الإسلام
للضيف حقوق عظيمة في الشريعة الإسلامية، ويتساءل البعض من الذي كان أول نبي أكرم الضيف؟ والإجابة تكمن في القرآن الكريم، حيث جاء في سورة الذاريات: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ}، حيث أن إبراهيم عليه السلام كان أول من أكرم الضيف، ولم يسأله عن هويته بل قدّم له الطعام مباشرة.
حثّ النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أمته على إكرام الضيف، وأخبرهم أنه من آمن بالله واليوم الآخر يجب أن يكون كريمًا مع ضيفه، ومن يبخل على ضيفه فإنه يعاني نقصًا في إيمانه. إكرام الضيف يعزز الحب والألفة بين الناس، ويعكس الصفات الأخلاقية التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم.
إكرام الضيف هو صفة نبيلة، والإسلام دين يحث على الخير والمودة بين الناس. ولا يُوجد شيء أعظم من أن يشعر الشخص بأمان ورعاية من جميع أفراد المجتمع، مما يساهم في بناء مجتمع متماسك يعزز القيم والأخلاق التي أوصى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
لقراءة المزيد، يمكن الاطلاع على: موضوع تعبير عن مظاهر إكرام الضيف.